حصل الدكتور نبيل صيدح، الباحث في معهد مونتريال للأبحاث السريرية (l’Institut de recherches cliniques de Montréal – IRCM)، على جائزة ’’دجاي ألين تايلور الدولية في الطب‘‘ (J. Allyn Taylor International Prize in Medicine) لاكتشافاته التي مكنت من تطوير علاجات لأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتُعد الجائزة واحدة من أعرق الجوائز في كندا. ويقدّمها معهد ’’روبارتس‘‘ (Robarts Research Institute) وكلية ’’شوليش للطب وطب الأسنان‘‘ (Schulich School of Medicine & Dentistry) في جامعة ’’ويسترن‘‘ (Western University ) بلندن، أونتاريو.
وليست هذه الجائزة الأولى التي يحصل عليها الدكتور نبيل صيدح خلال حياته المهنية.
في يونيو/حزيران الماضي، في المؤتمر الثاني عشر للجمعية الدولية لتحلل البروتينات (12th General Meeting of the International Proteolysis Society – IPS2023) في سنغافورة، حصل على جائزة ’’الإنجاز مدى الحياة‘‘ (IPS 2023 Lifetime Achievement Award) اعترافاً بجميع إنجازاته.
وقبل بضعة أشهر، فاز بجائزة الكويت لعام 2021 التي تمنحها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في فئة العلوم الطبية التطبيقية.
في مقابلة مع راديو كندا الدولي في مكتبه في معهد مونتريال للأبحاث السريرية (IRCM) ، قال الدكتور صيدح الذي وُلد في القاهرة بمصر إن ’’أكبر متعة أشعر بها لا تتعلّق بالجوائز ولكن عندما أرى أن حالة المريض تتحسن.‘‘
أنا لا أركض وراء الجوائز. بالطبع من الجميل أن أحصل على جائزة وهو أمر مجزٍ، ولكن الأمر الأكثر مكافأة بالنسبة لي هو أن أرى أن ما قمنا به لسنوات عديدة أصبح له تطبيق سريري ويساعد المريض.
نقلا عن الدكتور نبيل صيدح
ويقول هذا الأخير إنه فخور بشكل خاص بهذه الجائزة التي أُنشئت عام 1985، لأنها ’’من كندا‘‘.
ويضيف الرجل الذي التحق بمعهد مونتريال للأبحاث السريرية في عام 1974، بعد سنوات قليلة من مغادرته مصر حاصلاً على شهادة من جامعة القاهرة: ’’أنا أول مواطن من كيبيك يحصل على هذه الجائزة.‘‘
وأكّد أنّه ليس الباحث الوحيد الذي يستحقّ هذه الجائزة حيث يقول بتواضع : ’’لقد حقق زملاء آخرون أشياء عظيمة أيضاً.‘‘
وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، سيتسلم الجائزة في حفل في لندن، أونتاريو.
ماذا سيقول للحاضرين؟ ’’سأتحدث عما يتطلبه الأمر للتوصل إلى اكتشاف مثل هذا [إنزيم (PCSK9) المنظم للكوليسترول. انظر أسفل]. إنه أمر يتطلب الكثير من العمل وفهم علم الأحياء والآليات التي تقف وراءه‘‘، كما أوضح الدكتور نبيل صيدح الذي أضاف مازحاً ’’لا يتعلّق الأمر بالضغط على زرّ. ’’هذا ليس غوغل (Google) أو ’تشات جي بي تي‘ (ChatGPT).‘‘
إنزيم PCSK9
في عام 2003، اكتشف الدكتور نبيل صيدح وفريقه إنزيم (PCSK9) الذي جعله مشهوراً عالميّاً.
ويتم ترميز هذا الإنزيم بواسطة جين يحمل نفس الاسم. وهو الأخير في سلسلة من تسعة إنزيمات (PCSK1 إلى PCSK9)، سبعة منها اكتشفها الدكتور صيدح بين عامي 1990 و2003.
وكمثال على التطبيق العملي لهذا الاكتشاف، يستشهد الباحث بمثبطات (PCSK9)، التي تساعد على تقليل نسبة الكوليسترول في الدم بشكل كبي، وبالتالي الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك نوبات القلب.
ويشرح الدكتور نبيل صيدح دور هذه الإنزيمات من خلال إعطاء مثال على ما يحدث في جسم الإنسان بعد تناوله لوجبة طعام.
’’عند تناول الطعام، ترتفع نسبة السكر في الدم. ويفرز البنكرياس الأنسولين الذي ينقل السكر إلى الكبد ويتخلص منه بتحويله إلى طاقة‘‘، كما يوضح.
لكن عند بعض الأشخاص، لا تنجح هذه العملية فيصابون بمرض السكري على سبيل المثال.
ويقول الدكتور صيدح إنّ الأنسولين يحتاج لإنزيمين (PCSK1 و PCSK2) للقيام بمهمته.
وفي غياب هذين الانزيمين ’’يصبح الشخص مصاباً بالسكري أو يعاني من السمنة المفرطة‘‘، وفقاً للدكتور صيدح الذي أصدر أكثر من 820 مقالا تمت مراجعتها من قبل النظراء.
ويضرب أيضًا مثال بالبيتا إندورفين (Beta-endorphin) الذي اكتشفها عام 1976 مع الدكتور ميشيل كريتيان. ’’إنها تحتاج إلى إنزيم (PCSK2) لإنتاج الإندورفين [الملقب بهرمون السعادة].‘‘
القضاء على السرطان
لا يريد الدكتور صيدح التوقف عن أبحاثه. ’’إنها مجرد بداية. بعد اكتشاف إنزيم PCSK9الذي يسمح لنا بالتحكم في النوبات القلبية إلى حد كبي، أريد الآن حل مشكلة السرطان بنفس الدواء‘‘، كما يقول.
وذكر أنّه فقد مؤخّرا زميلاً له بسبب سرطان البنكرياس الذي ’’لم يترك له سوى بضعة أشهر قبل أن يأخذه منّا‘‘، كما أضاف.
وبحسب الدكتور صيدح، فإن مشكلة السرطان ليست في الورم نفسه. ’’رغم أنّ الورم ينمو إلّا أنّه بإمكان الجراح أن ينزعه إذا تمكنا من تحديد موقعه. المشكلة هي أن الورم الخبيث ينتشر ويؤثر على الأنسجة الأخرى (الدماغ والكبد، مثلا)‘‘، كما يقول.
ومن خلال تثبيط عمل إنزيمي PCSK7 وPCSK9 معاً، لاحظ أنه ’’لم يعد هناك نقائل (Metastase).‘‘
وأضاف أنه ’’في المرحلة السريرية لتجربة الجمع بين الأجسام المضادة لـ PCSK9 والستاتينات (Statines) لخفض نسبة الكوليسترول بنسبة تصل إلى 70% مع عقار إيزيتيميب (Ezetimibe) الذي يقلل من امتصاص الأمعاء للكوليسترول، ما يمكّننا من خفض نسبة الكوليسترول بنسبة 90%.‘‘
وبما أن الورم يحتاج إلى الكولسترول لينمو، فسوف ينفد منه الطعام. ’’بهذه الطريقة يمكننا خنقه!‘‘، يقول الدكتور نبيل صيدح.
ولا ينظم إنزيم (PCSK9) نسبة الكوليسترول فقط، لكنّه ينظم أيضا جهاز المناعة حيث تأمره بعدم مهاجمة الأورام.
ويقول إن فريقه في المرحلة السريرية المبكرة لهذا الاكتشاف. وسيعتمد الباقي على الأموال التي يمكنه جمعها.
ولسوء الحظ، لم يعد القطاع العام يعطي [لقطاع البحث العلمي] بنفس الطريقة التي اعتاد عليها.
نقلا عن الدكتور نبيل صيدح
ومع ذلك فهو يدرك أن ’’جميع الاكتشافات لم تكن لتتحقق لولا القطاع العام‘‘ مُتّهما حكومة ترودو التي ’’لم تساعد العلم كثيراً‘‘، على حد قوله.
نقلا عن راديو كندا الدولي