من هم المهاجرون المكوّنون للجالية المغاربية في مقاطعة كيبيك ؟ ما هي تجربتهم في الهجرة إلى هذه المقاطعة الكندية الناطقة بالفرنسية وما هي التحديات التي يواجهونها ؟
تمّ تناول هذه الأسئلة يوم الأربعاء الماضي في مركز دعم مجتمع المهاجرين (Centre d’aides aux communautés immigrantes – CACI) في مونتريال خلال محاضرة عامة ألقتها الأخصائية النفسية والمتخصصة في العلاقات بين الثقافات رشيدة أزدوز ومفوضة مكافحة العنصرية في مدينة مونتريال، بشرى مناعي.
وذكّرت رشيدة أزدوز في بداية حديثها بأن الجالية المغاربية حديثة الوجود نسبيا في كيبيك.
تاريخيًا، فإلى جانب الحالات الفردية لمواطني المغرب الكبير الذين جاءوا للاستقرار في كيبيك خلال المعرض العالمي في مونتريال عام 1967 أو الألعاب الأولمبية في نفس المدينة عام 1976، عرفت الهجرة المغاربية ثلاث موجات.
تميزت الستينيات والسبعينيات بهجرة اليهود السفارديم. وشهدت هذه الفترة أيضاً بداية وصول الطلاب والذي يستمر حتى اليوم.
ومع بداية التسعينيات، توافد الجزائريون بأعداد كبيرة بسبب الوضع السياسي في بلادهم التي كانت تشهد حربا ضد الإرهاب الإسلاموي.
ومن 1994 إلى 2018، ومن أجل ’’تكريس الفرنسية‘‘، فإن سياسات الهجرة تحبذ قدوم المغاربة والجزائريين والتونسيين.
وتوضح رشيدة أزدوز أن الأسباب التي تدفع هؤلاء إلى الهجرة متعددة، وقد تكون سياسية أو اقتصادية. ويأتي آخرون في إطار لم شمل الأسرة أو لأسباب شخصية.
الاندماج
وحسبها فإنّ هؤلاء المهاجرين يعتمدون استراتيجيات مختلفة متعلقة بالهوية للاندماج في المجتمع الجديد.
وتضيف أن أي شخص يغير بلده يعاني بالضرورة من صدمة ثقافية.
استراتيجيات الهوية هي الاستراتيجيات التي يستخدمها الناس لإعادة بناء هويتهم عندما يتعرضون لصدمة ثقافية، في حالة النزوح أو الهجرة.نقلا عن رشيدة أزدوز، أخصائية نفسية ومتخصصة في العلاقات بين الثقافات
فهي تسمح لهم ’’بالتوفيق بين جميع مكوّناتهم: الأصول، والمجتمع المضيف، ومرجعيات الهوية الأخرى التي تهمهم”، بحسب المختصة النفسية.
وتستشهد بالعمل الذي يمكن تحقيقه من خلال العودة إلى الدراسة أو إعادة التدريب المهني، من بين أمور أخرى.
وبالنسبة لرشيدة أزدوز، يمكن أن يكون هذا التحول المهني ’’سعيدا وأحيانا تعيسا [في التسعينيات، الأطباء الذين عملوا كسائقي سيارات أجرة، على سبيل المثال]‘‘، الأمر الذي له عواقب على الصحة العقلية واحترام الذات.
’’[هذا التحول] له تداعيات على الأطفال. وقد يؤدي إلى ظهور ظاهرة الانغلاق والغضب بين الشباب الذين أعاد آباؤهم تدريبهم مهنيا.‘‘، حسب هذه الباحثة في مختبر أبحاث العلاقات بين الثقافات (LABRRI) بجامعة مونتريال.
وكانت تشير إلى ظاهرة العنف المسلح بين الشباب في بعض أحياء مونتريال حيث توجد مجتمعات مهاجرة، بما في ذلك الجالية المغاربية.
وحذرت الآباء المهاجرين مما تسميه ’’خطاب التضحية‘‘ الذي ’’يضر بشدة بالاندماج‘‘.
ووفقا لها، لا ينبغي للآباء أن يضعوا ثقل قرار الهجرة على عاتق أطفالهم الذين يميلون إلى التصرف كـ’’ضحايا‘‘.
وتنصح الآباء بتقدير الهويات المزدوجة ’’لِمنع تضارب الولاء.‘‘
’’إن أفظع شيئين رأيتهما في ممارستي كمختصة نفسية هما أولئك الذين اعتقدوا أنهم يقدمون خدمة لأطفالهم من خلال قطع جميع العلاقات مع البلد الأصلي من خلال المبالغة في تقدير الثقافة المضيفة وأولئك الذين يحملون خطاباً عدائياً عن المجتمع المضيف يمنع الارتباط‘‘، كما قالت.
التمييز
وتناولت بشرى مناعي، مفوضة مكافحة العنصرية والتمييز المنهجي في مدينة مونتريال (نافذة جديدة)، عوامل الانغلاق الأخرى مثل تجارب التمييز.
وأوضحت في كلمتها أن تجربة الجالية المغاربية لا تقتصر فقط على التمييز والعنصرية.
وحذرت قائلة: ’’دون الإنكار، يجب ألا نبالغ في تقدير هذه التجارب [العنصرية].‘‘
ويمكن أن تظهر مظاهر العنصرية هذه في المدرسة، أو في مكان العمل، أو في التنميط العنصري للشباب في الأماكن العامة، أوحتى في التعليقات والإيماءات الاسلاموفوبية.
وبالنسبة لها، من المهم الإبلاغ عن هذه الحوادث. ’’من المهم للغاية ألا نسمح بمرور أي حادث أو عمل يحض على الكراهية. وتضيف: ’’لأن ذلك سيؤثر على صحتك العقلية وحتى على تجربة الارتباط [بالمجتمع المضيف].‘‘
ويفضل البعض عدم تقديم شكوى أو القول بأنهم ’’لا يحتاجون للذهاب إلى الشرطة‘‘، لكنّ مفوضة مكافحة العنصرية تصرّ على أهمية الإبلاغ عن هذه الأحداث – في مونتريال، لِخدمة الشرطة (SPVM) وحدة مختصة في حوادث وجرائم الكراهية.
[بحكم تجربتي] من داخل المؤسسة: إذا لم تبلغ عن شيء ما [حادثة عنصرية]، فهو غير موجود [بالنسبة للمؤسسات]. ل
مركز مساعدة مجتمعات المهاجرين (CACI)
ليست هذه المحاضرة التي نظمها المركز الأولى من هذا نوعها. فقد كانت المجتمعات الأخرى ووجودها في كيبيك أيضاً موضوعاً لمحاضرات متعدّدة.
ويوضح أوليفييه ساريل، مسؤول التطوير والاتصالات في المركز، أن الجالية المغاربية تمثل حوالي 25% من عملاء المركز. ’’يمثل الجزائريون أكبر عدد من العملاء، يليهم المغاربة والتونسيون.‘‘