نظّم تجمع مسيحيي الشرق الأوسط قداساً في كاتدرائية المخلص الكاثوليكية في مونتريال لراحة نفس شيرين أبو عاقلة.
يقول تجمع مسيحيي الشرق الأوسط (نافذة جديدة) في بيان الدعوة للمشاركة في القداس في 3 حزيران / يونيو المنصرم: ’’إن هذه الصلاة لراحة نفس الصحفية الأميركية من أصل فلسطيني هي واجب تمليه مسيرة الفقيدة، وتقدير لشهادتها المستمرة في سبيل العدالة والحقيقة، ولمساهمتها الصحفية الاستثنائية، لإنسانيتها ولحبها اللامتناهي لوطنها الأم فلسطين ولشجاعتها‘‘.
تنوع الحضور في صالة الكنيسة المشرقية Cathedrale St-Sauveur في مدينة التمركز الجاليوي العربي بامتياز سان-لوران، من رسميين كنديين وقناصل ودبلوماسيين أجانب وعرب و زعماء روحيين وممثلين عن منظمات فلسطينية في كندا.
بين الحضور وزيرُ التراث في الحكومة الاتحادية بابلو رودريغيز والنائبة في الجمعية الوطنية الكيبيكية، الناطقة باسم الحزب الليبرالي الكيبيكي لشؤون الهجرة كريستين سان بيار، وممثل عن عمدة مدينة مونتريال ونخبة من أعلام الجالية العربية في مونتريال.
أصبحت شيرين أبو عاقلة بفضل استشهادها أيقونة للصمود
قرأ رئيس أساقفة مونتريال المونسنيور كريستيان ليبين الإنجيل مشاركا في إقامة رتبة القداس مع لفيف الآباء الاساقفة والكهنة من الكنيسة الكاثوليكية للروم الملكيين في مونتريال.
في عظته، قال رئيس أبرشية الروم الملكيين الكاثوليك في كندا المطران ميلاد جاويش ’’نجتمع اليوم من أجل إحياء الذبيحة الإلهية في ذكرى امرأة فلسطينية شهيدة ، مقدسية، من أورشليم القدس، هذا هو الحدث! لكن الحدث لا يكمُن في الاحتفال بالموت ولا في النحيب[…] بل في الصلاة لروح بريئة أخرى أصبحت بفضل استشهادها أيقونة للصمود‘‘.
تساءل المتحدث كيف يتم اغتيال من رفضت أن تجعل دينها المسيحي جداراً يعزلها عن معاناة أبناء وطنها المسلمين؟
تقول شيرين أبو عاقلة: لدينا مشكلة واحدة في الحياة وهي الكراهية، باستئصالها تُحّل كل مشاكلنا[…] وهذه الكراهية التي تمقتها شيرين هي التي قتلتها للاسف.
نقلا عن رئيس أبرشية الروم الملكيين الكاثوليك في كندا المونسنيور ميلاد جاويش
’’طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون‘‘
أضاف المطران خلال عظته في كنيسة غصّت بالحضور من كافة المشارب والأطياف ’’كونُك ابن القدس فهو احترام الله وعلاقته مع البشرية في مراحلها العبرية والمسيحية والإسلامية. هو أن تكون شخصا عالميا يمكنه أن يشمل الجميع في قلب الله. وقد كانت شيرين أبو عاقلة كل ذلك: مسيحية بعمق، فلسطينية بعمق وعالمية بعمق. صنع السلام مع أخي المختلف هو الفعل الذي يجعلني أكثر أبناء الله. قالها يسوع جيدًا في تطويباته: ’’طوبى لصانعي السلام ، سيُدعون أبناء الله‘‘.
يضيف المطران جاويش الذي ترأس القداس: ’’شيرين ليست الشهيدة الأولى ولن تكون الأخيرة للأسف. كباقي شهداء بلادها، وهبت شيرين ذاتها لقضية الحقيقة‘‘.
’’يتألم الله جرّاء كل قطرة دماء سفكت ويشاركنا في دموعنا، فيروز أيضا غنت في رائعتها ’’القدس‘‘ الطفل في المغارة وأمّه مريم وجهان يبكيان، لأجل من دافع واستُشهد في المداخل، واستُشهد السلام في وطن السلام وسقط العدل على المداخل‘‘.
وخلص صاحب الدعوة إلى مناشدة ’’يسوع، أمير السلام، باستقبال روح شيرين وأرواح كل الشهداء في صلاحك اللامتناهي واجعل من كل قطرة دم تسفك في فلسطين والشرق الأوسط وأوكرانيا وفي كل مكان نزاع، بذرة المصالحة والسلام‘‘.
النائبة في برلمان كيبيك كريستين سان-بيار: التحقيق في مقتل أبو عاقلة يجب أن يكون مستقلاً
بعد الانتهاء من مراسم القداس، رحّب رئيس تجمع مسيحيي الشرق الأوسط بيار شماس بالحضور شاكراً الجميع على مشاركتهم واجب العزاء في الفقيدة الراحلة. ولخّص المتحدث سيرة حياة الصحافية ورسالتها في سبيل الشهادة للكلمة والحقيقة.
واعتلت المنبر من ثم النائبة في الجمعية الوطنية الكيبيكية، الناطقة باسم الحزب الليبرالي الكيبيكي لشؤون الهجرة كريستين سان بيار في كلمة موجزة لم تتعد الدقيقة الواحدة.
قالت النائبة في برلمان كيبيك: ’’أضم صوتي إلى كل أولئك الذين حزنوا على هذا الموت المأساوي. إنه موت فاجع ومرّوع كما أعلنت رابطة المراسلين الصحفيين الأجانب في إسرائيل والأراضي الفلسطينية والتي دعت إلى تحقيق شفاف وسريع.
في الواقع، التحقيق ضروري ويجب أن يكون مستقلاً أيضاً.
نقلا عن النائبة في برلمان كيبيك كريستين سان-بيار
وتقدّمت المتحدثة ’’بأحر التعازي والصلوات مع الحاضرين جميعا هذه الليلة تخليدًا لذكرى شيرين، عسى ألا يُنسى موتها‘‘.
السيد نبيل عباس: نشهد اليوم غفوة الضمير الإنساني
ممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في كندا ورئيس المركز الإسلامي اللبناني في مونتريال السيد نبيل عباس، الذي كان بين الحضور في الكنيسة، قال: ’’نحن اليوم نشهد غفوة الضمير الانساني امام الجرائم التي تحدث والتي هي بمنأى عن المساءلة والمحاسبة‘‘.
مع الأسف، في العالم هناك اليوم صيف وشتاء تحت سقف واحد، هناك تصويب على من يصوب عليه بكل ما أوتوا من قوة وهناك تعمية وإغفال عما يجب أن يُعمى عليه، ويغفل عنه بكل ما أوتوا من قوة.
نقلا عن السيد نبيل عباس، ممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في كندا
يتابع المتحدث: ’’شيرين أبو عاقلة كانت عبارة عن صوت يصل إلى الناس، ليس في يدها سلاح ولا تشكل خطرا ولكنهم رأوا في الحقيقة التي تحاول أن تظهرها خطراً، لذلك قتلوها بسلاح الكره قبل أن يقتلوها بالرصاص‘‘.
نحن اليوم نشهد للأنسان، مع الأسف أما آن للضمير العالمي أن يصحو ويخرج من غرفة الإنعاش؟
ولعل الصلاة كما يراها هذا الزعيم الروحي هي عبارة عن أمل وتُحفز لمستقبل واعد.
إذا كانت الشهادة للحق في جيلنا اليوم قليلة، فربما تأتي أجيال تقدر أن تشهد للحق بنسبة أكبر، والليل مهما طال فهناك فجر.
نقلا عن السيد نبيل عباس، رئيس المركز الإسلامي اللبناني في مونتريال
رئيس تجمع مسيحيي الشرق الأوسط رجل الأعمال المتقاعد بيار شماس
أكد بيار شماس على رأس تجمع مسيحيي الشرق الأوسط منذ نحو شهرين على الطابع العلماني لمنظمتهم التي تأسست في مدينة مونتريال منذ نحو 25 عاماً وتضم أعضاء ينتمون إلى كافة الكنائس المشرقية.
وأكد المتحدث أن غالبية المدعوين قد لبوا دعوتهم إلى المشاركة في الصلاة لراحة نفس شيرين أبو عاقلة، وقد اعتذر عن الحضور رئيس الوزراء الكندي جوستان ترودو وكذلك رئيس حكومة كيبيك فرنسوا لوغو ورئيس حكومة كيبيك السابق جان شاريه والقنصل الأميركي، بشكل خاص لأن التوقيت لم يكن مناسبا لهم، حسبما قال بيار شماس.
يأسف المتحدث أن نصف أبناء الطوائف المسيحية المشرقية قد هجروا من بلدان الشرق الأوسط في السنوات العشر الأخيرة بسبب الحروب والأوضاع المزرية والأزمات المالية والاقتصادية واختلاف السياسيين فيما بينهم في سوريا ولبنان ومصر والعراق وفلسطين والأردن. هذا ’’وتستمر الهجرة المسيحية إلى كندا وأميركا والسويد والبرازيل والأرجنتين وغيرها من الدول‘‘.
يقول بيار شماس ’’من المؤسف أن يترك المسيحيون الشرق الأوسط خصوصا أنهم أوائل المسيحيين في العالم، نحن أحفاد الرسل، نحن بدأنا بالرسالة وانطلق الرسل من الشرق إلى العالم بأسره‘‘.
يؤكد المتحدث أن تشريد الانسان من أرضه أمر سيء جدا وهو مع كل الحب والاحترام والامتنان الذي يكنه لكندا، كان يفضل أن يكون اليوم في بلده الأم سوريا.
نور أبو علي مسؤول العلاقات العامة في المؤسسة الكندية الفلسطينية
قال نور أبو علي العضو في المؤسسة الكندية الفلسطينية إن شيرين ابو عاقلة هي شهيدة كل فلسطين، بمسيحييها ومسلميها. لقبت بصوت الحق وكبر الأولاد على سماع صوتها في التقارير الصحفية على مدى ربع قرن.
إنه قدرنا كفلسطينيين أن نقاوم ونموت، ’’ولم تكن شيرين آخر واحدة تقتل في الأراضي الفلسطينية، وكل يوم تطالعنا الأخبار بسقوط شهيد جديد‘‘.
وأكد نور أبو علي على ’’أن القضية الفلسطينية حية ولن تموت أبدا مهما طال الزمن‘‘.
في سياق آخر، قال المتحدث إنه لا يكفي أن تشجب كندا مقتل شيرين أبو عاقلة، كذلك تنديد المجتمع الدولي ومنظمة العفو الدولية والاتحاد الأوروبي ليس كافيا، لأنه يجب الفعل وليس الاكتفاء بالاستنكار والشجب على حد تعبيره.
المتخصص في علم الاجتماع رشاد أنطونيوس: إن ميزان القوى اليوم ليس في صالح فلسطين
قال البروفبسور المتقاعد (علم الإجتماع) في جامعة كيبيك في مونتريال رشاد أنطونيوس ’’لا يموت الصحافيون في فلسطين على يد الإسرائيليين فحسب، بل إنهم يموتون أيضاً في الدول العربية على يد الحكومات العربية‘‘.
وعن السلام المنشود الذي لم يتحقق إلى اليوم بين إسرائيل وفلسطين، يرى البروفيسور المتقاعد أنّ السبب في ذلك هو أنّ ’’ميزان القوى لا يسمح بذلك الآن. هذا الأخير في صالح إسرائيل لأن الطرف العربي ضعيف وليس له القدرة في فرض حل سليم ومسالم‘‘.
المجتمعات العربية ذاتها لم تنتج أنظمة ديمقراطية حتى الآن ولا يوجد بلد عربي ينعم بالديمقراطية الحقيقية.
نقلا عن رشاد أنطونيوس، دكتور في علم الاجتماع
ويضيف رشاد أنطونيوس الذي صدر له مؤخرا كتاب عن حرية الرأي في كندا ويصدر له لاحقا كتاب عن العلاقات بين الإسلام والغرب، ’’طبعا هناك محاولات لإرساء الديمقراطية في تلك الدول وقد تقدّمت تونس على بلدان أخرى. كذلك فإن بعض البلدان التقليدية لا يمكن القول إن فيها نوع من الديمقراطية وإنما بالحري القول تنعم بنوع من الشرعية‘‘.
’’خلاصة الحديث، يتابع محدثي، إن البلدان العربية لا زالت على مسافة بعيدة من الوضع الديمقراطي وهذا من ضمن الأسباب التي تجعلنا غير قادرين على قلب موازين القوى في صراعنا مع إسرائيل‘‘.
ممثلة السلطة الفلسطينية في أوتوا منى أبو عمارة: إلى اليوم لا تزال نار الغضب تتأجج في نفوسنا
ألقت ممثلة السلطة الفلسطينية في العاصمة الكندية منى أبو عمارة كلمة على منبر الكنيسة مؤكدة أن لا أحد يستطيع أن ينزع الغضب من نفوس الفلسطينيين بعد مقتل شيرين أبو عاقلة. وأضافت أنّ أهل فلسطين يطالبون بإدانة من تسبب بمقتل الصحافية الفلسطينية وبأن تأخذ العدالة مجراها.
وقالت المتحدثة إنّ ’’قضية شيرين مثل قضية فلسطين، هي عادلة ولها حل ولكن في النهاية لا يمكن الوصول إلى هذا الحل من دون ضغط دولي ومن دون دعم من المجتمع الدولي ومن دون تطبيق القرارات والتشريعات الموجودة‘‘.
نحن كقيادة وكشعب أخذنا القرار بفعل كل شيء من أجل إيصال الصوت إلى كل الأنحاء وبكافة الطرق.
نقلا عن منى أبو عمارة، ممثلة السلطة الفلسطينية في أوتوا
وأشارت المتحدثة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تلقت نتائج التحقيق بمقتل شيرين أبو عاقلة الذي أجرته الحكومة الفلسطينية، كذلك سلمته قناة ’’الجزيرة‘‘ إلى كل البلدان والمؤسسات ذات الصلة المعنية بحقوق الانسان والحريات. وقد طالبت عشرات المنظمات الحقوقية بتحقيق دولي، مستقل وشفاف.
تنقل منى أبو عمارة أنه بعد مقتل أبو عاقلة، كما في كل حوادث القتل التي يتعرض لها الفلسطينيون، صدرت تعليمات من وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية إلى ممثليها في دول الانتشار، بالتوجه إلى السلطات المعنية في الدول المضيفة من أجل مطالبتها بإدانة الجناة ومساءلة إسرائيل.
’’لقد طالبنا أوتاوا، تتابع منى أبو عمارة، بالحماية والمساواة في ما يتعلق بحق فلسطين في تطبيق قرارات المجتمع الدولي، وفي ألا يفلت الجاني من العقاب‘‘. وتردف بالقول ’’نحن محتاجون إلى الحماية من اعتداء أي دولة ثانية، ولا يجب أن يكون لدولة إسرائيل القدرة في أن تكون فوق القانون، أو أن تستطيع الهروب من جرائمها في اي لحظة، لأنها فقط تحت غطاء الحماية الدولية‘‘، حسب تعبير أبو عمارة.
تخلص المتحدثة إلى القول ’’كندا تدافع وتروج لحقوق الإنسان، وهي أكثر البلدان التي يمكنها أن تساهم في الوصول إلى العدالة عن طريق المساءلة، وهذا مطلبنا من الحكومة الكندية‘‘.