عرضت بروكسل أمس الأربعاء، إطارا تشريعيا لليورو الرقمي الذي تعتزم إطلاقه في مشروع يثير نظريات مؤامرة ويصطدم بعداء المصارف بدون أن يستجيب لتطلعات فعلية من المواطنين الأوروبيين.
وتبدء المصارف مخاوف من احتمال خسارة عائدات ومن مخاطر تهدد الاستقرار المالي في حال تسجيل إقبال مكثف من الأفراد على سحب ودائعهم من حساباتهم الجارية لتخزينها بالعملة الرقمية، ما سيخرجها من دفاتر موازنات المصارف.
اتحاد المصارف الفرنسية أكد أن “المصارف التجارية تعرض اليورو الرقمي منذ أعوام… ليس هناك في الوقت الحاضر حاجة لم تتم تلبيتها بعد”.
وعلق ماركوس فيربر، النائب الأوروبي الألماني ساخرا “في الوقت الحاضر، يبدو اليورو الرقمي حلا يبحث عن مشكلة”.
وأضاف بأن على المفوضية الأوروبية والمركزي الأوروبي أن “يشرحا بصورة مقنعة لماذا نحن بحاجة إليه”.
وسعيا لطمأنة المؤسسات المالية، ينص مشروع المفوضية الأوروبية على أن البنك المركزي الأوروبي “سيطور أدوات للحد من استخدام اليورو الرقمي كعملة احتياط”.
هذا يعني أنها ستفرض على كل شخص سقفا للمبالغ التي يمكنه حيازتها بهذه العملة قد يكون قدره ثلاثة آلاف يورو على ما اقترح مسؤول في البنك المركزي في مايو/أيار الماضي.
فما الجديد الذي سيقدمه اليورو الرقمي في وقت ينتشر استخدام العملات الإلكترونية منذ عقود عبر مجموعة متنوعة من الخدمات المالية مثل بطاقات الائتمان وأخيرا تطبيقات الدفع على الهواتف النقالة؟.
يوضح النص أن مستخدمي اليورو الرقمي “لن يرتبطوا بعلاقة تعاقدية مع البنك المركزي الأوروبي”، بل ستتولى المصارف توزيع العملة الإلكترونية التي سيكون بإمكانها دمجها في خدماتها المتاحة للعملاء.
ويرى البنك المركزي الأوروبي أن الاعتماد المتزايد على العملات الرقمية في المدفوعات ولا سيما مع ازدهار التجارة الإلكترونية، يحتم استحداث يورو رقمي ولو أنه سيواجه منافسة متزايدة من العملات المشفرة أو من النسخ الرقمية لعملات أجنبية أخرى.
وأطلق المركزي الأوروبي الذي يتخذ مقرا له في مدينة فرانكفورت الألمانية في يوليو/تموز 2021 مرحلة دراسة للمشروع بهدف تقديم النسخة الإلكترونية من العملة الأوروبية الموحدة اعتبارا من 2027 أو 2028.
وترسي مسودة النص التي كشف مضمونها أمس الأربعاء الإطار القانوني الضروري لتحقيق ذلك، على أن يجري بعد ذلك التفاوض على المشروع على مدى أشهر مع الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.
لكن اليورو الرقمي يثير مخاوف تؤججها حملات تضليل إعلامي، إذ يؤكد البعض على شبكات التواصل الاجتماعي أنه يهدف إلى إلغاء العملة النقدية للسماح بمراقبة معممة للمواطنين من خلال السيطرة على مشترياتهم ومعاملاتهم المالية.
إلا أن الواقع أن العملة الإلكترونية لن تكون سوى خيار إضافي واختياري للدفع، فضلا عن خيار الدفع نقدا.
كما أن هذا الخيار الذي يعتمد الدفع بواسطة بطاقة أو هاتف نقال سيتيح أيضا ميزة التسديد خارج الإنترنت، ما يبقي اسم المستخدم طي الكتمان.
وسيكون اليورو الرقمي ساريا بصورة قانونية في الدول العشرين، التي تعتمد اليورو. غير أنه سيكون في إمكان الشركات الصغرى وبعض الجمعيات غير الربحية رفض تلقي مدفوعات بواسطته.
كما سيكون في إمكان الأفراد عدم اعتماده في إطار معاملاتهم الشخصية، وفق نسخة من مشروع القانون.
وكان فرنسوا فيلوروا، عضو مجلس حكام البنك المركزي الأوروبي دو جالو أكد الأسبوع الماضي إنه “لن يحل محل العملة النقدية”.
وأضاف: “ستترك الحرية للمواطنين الأوروبيين ليقرروا إن كانوا يريدون استخدامه أم لا”، موضحا خلال محاضرة في باريس أنه ستكون له “المواصفات ذاتها” كالعملة النقدية و”سيضمن احترام الحياة الخاصة” لمستخدميه.