الأمم المتحدة شددت على دعم خطط بغداد التنموية… وإقليم كردستان عدها خطوة مهمة لتجاوز التحديات الماضية
أعلنت وزارة التخطيط العراقية أن عدد سكان البلاد بلغ 46 مليوناً و118 ألف نسمة، وفقاً لنتائج التعداد السكاني الإلكتروني الذي أُجري مؤخراً.
وقال وزير التخطيط العراقي محمد تميم، اليوم الاثنين، إن العراق نجح في إنجاز أول تعداد سكاني إلكتروني بعد أربعة عقود، مؤكداً أن الخطوة تمثل نقلة نوعية نحو تحقيق التنمية المستدامة والتوزيع العادل للموارد.
وأوضح تميم، خلال مؤتمر صحافي عُقد للإعلان عن النتائج العامة للتعداد، أن «هذا التعداد الإلكتروني هو الأول من نوعه منذ نحو أربعة عقود، ويتيح لنا القدرة على تشخيص الفجوات التنموية بدقة على مستوى أصغر وحدة إدارية، كما يضمن توزيعاً عادلاً للموارد بين المحافظات، ويرسم صورة دقيقة للواقع الديموغرافي في البلاد».
وأشار إلى أن «التعداد سيحدث تحولاً في مسار التنمية في العراق، حيث يوفر بيانات شاملة حول التركيبة السكانية، وقطاع الإسكان والمباني، والأنشطة الاقتصادية، والفئات العمرية، والحالة الزوجية، ومعدلات الخصوبة، ووفيات الأمهات، ومستويات التعليم، والخدمات، وغيرها من المؤشرات الحيوية التي ستساعد في سد الفجوات التنموية بمختلف القطاعات».

وفي الإعلان الرسمي، كشفت وزارة التخطيط العراقية أن 70.17 في المائة من السكان يعيشون في المناطق الحضرية، بينما يقطن 29.83 في المائة في المناطق الريفية. أما في إقليم كردستان، فقد أظهرت النتائج أن 84.57 في المائة من السكان يسكنون المناطق الحضرية، مقابل 15.43 في المائة بالأرياف.
وبخصوص الحالة الاقتصادية، كشف التعداد أن نسبة السكان النشطين اقتصاديّاً (15 سنة فأكثر) تبلغ 41.61 في المائة في العراق، بينما تصل في إقليم كردستان إلى 46.06 في المائة. وبلغت نسبة العاملين في القطاع الحكومي والعام من إجمالي السكان النشطين اقتصاديّاً 38.25 في المائة في العراق، و37.18 في المائة في إقليم كردستان.
كما أظهرت النتائج أن نسبة الأمية بين السكان (عشر سنوات فأكثر) بلغت 15.31 في المائة في العراق، و16.23 في المائة في إقليم كردستان. فيما بلغ معدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي 88 في المائة في العراق، و93 في المائة في إقليم كردستان.
التزام الأمم المتحدة
من جهته، أشاد نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية، غلام محمد إسحاق، بنتائج التعداد السكاني الذي أعلنته وزارة التخطيط.
وقال إسحاق خلال كلمته في حفل إطلاق نتائج التعداد العام للسكان لعام 2024: «إن نتائج التعداد تمثل حجر الأساس في مسيرة التنمية المستدامة، إذ تسهم هذه البيانات في صياغة السياسات العامة، وتحديد أولويات الإنفاق، وتوجيه الموارد نحو القطاعات الأكثر احتياجاً، كما تمثل أداة أساسية لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية، تماشياً مع الأولويات الوطنية للتنمية».
وأضاف المسؤول الأمني أن «الأمم المتحدة ملتزمة بدعم حكومة العراق في تحقيق أهدافها التنموية. ولتحقيق هذا الهدف، وضعت إطار التعاون الإنمائي المستدام للأمم المتحدة، وهو إطار شراكة بين الأمم المتحدة وحكومة العراق يمتد لخمس سنوات ويهدف إلى تعزيز هذا الهدف تحديداً». وحث الحكومة العراقية على «تسريع عملية المصادقة لتتمكن من المضي قدماً في شراكة وثيقة نحو تحقيق الأهداف المشتركة، وإحراز تقدم ملموس في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة».
وتابع إسحاق قائلاً: «نتطلع إلى شراكة فعالة مع الحكومة العراقية في تنفيذ إطار التعاون، وتعزيز دورها القيادي من خلال النظر في تقديم مساهمات مالية للصندوق الائتماني المزمع إنشاؤه لدعم تنفيذ الإطار التعاوني». وأكد التزام الأمم المتحدة على أنها شريك أساسي في دعم العراق في مسيرته نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة، مشدداً على أن الأمم المتحدة ستظل على أتم الاستعداد لتقديم كافة الخبرات والمعرفة اللازمة في مختلف المجالات، لا سيما فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
حكومة كردستان راضية
من جانبها، عدت وزارة التخطيط في حكومة إقليم كردستان إنجاز التعداد العام للسكان في العراق نقطة تحول مفصلية، رغم التحديات التي واجهت عملية تنفيذه.
وقال وكيل الوزير سيروان محمد محيي الدين، في كلمة له خلال مؤتمر الإعلان النهائي عن نتائج التعداد العام في بغداد: «إن تنفيذ التعداد العام للسكان بعد 37 عاماً من آخر تعداد غير شامل يعد نقطة تحول مهمة في عمل وزارتي التخطيط بالحكومتين الاتحادية والإقليمية».
وأضاف محمد أن «هيئة الإحصاء واجهت تحديات كبيرة في إجراء المسح الميداني للتعداد، خصوصاً على الصعيدين الفني والزمني، لكنها تمكنت من تنفيذ التعداد في الموعد المحدد». وتابع قائلاً: «من أجل تنفيذ التعداد، كان من الضروري تجاوز الحاجز النفسي الذي ظل قائماً طوال 14 عاماً، والذي كان ناتجاً عن الظروف السياسية التي سادت في تلك الفترة».
ولفت وكيل وزارة التخطيط في إقليم كردستان إلى أن «تنفيذ التعداد في المناطق المتنازع عليها كان السبب الرئيس لفشل إجرائه عام 2010، لكن بغداد وأربيل عملتا معاً بشكل مشترك لتفادي ما حدث في التعداد السابق». ورأى أن «تنفيذ التعداد العام للسكان وإزالة العقبات أمامه يمثلان خطوة مهمة نحو تجاوز إرث السنوات الماضية، ويعكسان حلقة وصل مباشرة بين الحكومة الاتحادية والإقليم».
واختتم سيروان محمد بقوله: «إن النتائج المعلنة للتعداد أظهرت أن التقديرات السابقة للهيئة كانت قريبة جداً، إن لم تكن متطابقة، مما يعد دليلاً على الجهد المستمر الذي تبذله هيئة الإحصاء». وأشار إلى أن «الهدف من التعداد لا يقتصر على تنفيذه فقط، بل يشمل أيضاً تأسيس مرحلة جديدة من البرامج المستقبلية». الشرق اوسط