توافد عدد كبير من أعضاء مجلس النواب المصري، لا سيما من المنتمين لحزب “مستقبل وطن” الحائز على الأغلبية، الثلاثاء، على مقر الأمانة العامة للمجلس للتوقيع على نماذج تزكية ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لانتخابات الرئاسة، المقرر إجراؤها في النصف الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك لفترة ثالثة قوامها ست سنوات.
وقال بعض نواب حزب الأغلبية، على هامش توقيعهم على نماذج تزكية السيسي، إنهم يؤيدون استمرار الرئيس الحالي في الحكم مدى الحياة، وليس فقط لمدة ست سنوات كما ينص الدستور، وذلك بحسب قولهم لـ”استكمال مسيرة الإنجازات التي بدأها مع توليه السلطة عام 2014، وبناء مصر الجديدة تحت قيادته خلال السنوات المقبلة، بعدما قضى على الإرهاب، وأعاد بناء مؤسسات الدولة”.
وأفاد برلماني سابق في حديث لـ”العربي الجديد”، بأن حزب “مستقبل وطن” لا يزال يُدار بمعرفة الأجهزة الأمنية الموالية للسيسي، ويتلقى نوابه تعليمات بشأن مواقفهم تحت قبة البرلمان، من قبل الضباط في جهازي الأمن الوطني والمخابرات العامة، مستطرداً بأن جهاز المخابرات الحربية لعب دوراً كبيراً في تشكيل الحزب، متجاوزاً مرحلة دعمه أو توجيهه إلى إنشائه وتمويله، وتوفير مقار له في المحافظات، في أعقاب انتخابات الولاية الأولى للسيسي قبل تسع سنوات.
في موازاة ذلك، توافد آلاف من المواطنين البسطاء، لليوم الثاني على التوالي، على مكاتب الشهر العقاري في المحافظات، من أجل تحرير توكيلات ترشح السيسي في الرئاسيات، على خلفية تعرض الجمعيات الخيرية في المحافظات كافة لضغوط من جهاز الأمن الوطني، بغرض تسليم البطاقات الشخصية للمستفيدين من خدماتها للقائمين على المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، وحزب “مستقبل وطن”، ومن ثم إجبارهم على تحرير توكيلات ترشح السيسي.
وحسب مسؤول بارز في إحدى الجمعيات بالعاصمة القاهرة، تعهدت مبادرة “حياة كريمة” للمسؤولين عن نحو 45 ألف جمعية، هي مجموع الجمعيات الخيرية في مصر، بتوفير “كراتين” غذائية تحتوي على عبوات أرز وسكر وزيت طعام لمدة شهرين متتاليين لهؤلاء الفقراء المعدمين، الذين يعانون في الأصل من ضيق سعة اليد، نظير تحريرهم أكبر عدد ممكن من التوكيلات الشعبية للسيسي.
وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يظهر إحدى السيدات الطاعنات في السن، وهي تقول للمسؤولين عن تنظيم مؤتمر داعم للسيسي بمحافظة القليوبية (شمال)، مساء أمس الاثنين: “يالا هاتوا الكراتين بقى خلينا نمشي”، فيما لم يتبين في الفيديو المركز أو القرية التي شهدت تنظيم المؤتمر على وجه التحديد.
الست بتقولهم يلا هاتوا الكراتين بقى خلينا نمشي.. ولاد الكلب مقعدينهم عافيه يغنوا للبلد علشان يشحتوا حقهم في اللقمه!
وتقضي المادة 142 من الدستور بأنه “يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يُزكّي المترشحَ عشرون عضواً على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها”.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى ارتفاع نسبة السكان الذين يعانون من الفقر في مصر إلى نحو 60%، من أصل 105 ملايين نسمة. ولم ينج أفراد من الطبقة المتوسطة من شبح الفقر، في ظل أزمة متواصلة بسبب خفض قيمة العملة، والتضخم المتزايد.
وشهدت السنوات العشر الماضية موجة عاتية من الديون والتضخم والغلاء، وانهياراً غير مسبوق في قيمة العملة المحلية، من جراء التوسع في الاقتراض الخارجي لإقامة مشاريع “تجميلية”، لا تعود بالنفع على الاقتصاد أو المواطن، ولعل أبرزها مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الذي قدرت كلفته بنحو 58 مليار دولار.
وكان سعر صرف الدولار الأميركي يبلغ نحو 7.05 جنيهات في البنوك المصرية قبل تولي السيسي مقاليد الحكم، مقارنة مع 30.95 جنيهاً في البنوك حالياً، ومتوسط 40 جنيهاً للدولار في السوق الموازية، بما يعني فقدان العملة المحلية أكثر من 80% من قيمتها، خلال سنوات وصفها بعض خبراء الاقتصاد بـ”العشرية السوداء”.
وسجلت أسعار الوقود والطاقة في مصر معدلات زيادة متسارعة خلال سنوات حكم السيسي، بالتوازي مع رحلة انهيار الجنيه، حيث ارتفع سعر السولار (الديزل) المستخدم في النقل الثقيل، وسيارات النقل الجماعي، وأعمال البناء والزراعة، من 1.1 جنيه إلى 8.25 جنيهات للتر، بزيادة بلغت 650%، وبنزين (80 أوكتان) المعروف بـ”بنزين الفقراء”، من 0.9 جنيه إلى 8.75 جنيهات بزيادة 872%، وبنزين (92 أوكتان) من 1.85 جنيه إلى 10.25 جنيهات بزيادة 454%.
كذلك صعد سعر الأسطوانات الصغيرة للغاز السائل (البوتاغاز) للأغراض المنزلية (سعة 12.5 كيلوغراماً)، من 8 جنيهات عام 2014 إلى 75 جنيهاً بنسبة ارتفاع 837%، وأسعار الغاز الطبيعي للاستخدام المنزلي بنسبة 1775%، إذ زاد سعر المتر المكعب من 0.2 جنيه إلى 3.75 جنيهات.