ستكون أزمة الغذاء العالمية والحرب في أوكرانيا في قلب اهتمامات رئيس الحكومة الكندية، جوستان ترودو، الذي يبدأ اليوم رحلة دولية مدتها عشرة أيام إلى رواندا وألمانيا وإسبانيا.
رحلة دبلوماسية واستراتيجية مهمة إذَن، إلى قارتيْن، إلى دول في طور التنمية وأُخرى غربية متقدّمة.
المحطة الأولى لترودو هي العاصمة الراوندية كيغالي التي تستضيف اجتماع رؤساء حكومات دول منظمة الكومنولث في 24 و25 حزيران (يونيو).
ونادراً ما يحظى هذا التجمّع ،الذي يضمّ 54 دولة، وهو إرثٌ للإمبراطورية البريطانية، بالاهتمام. لكنّ الوضع مختلف هذه المرة، كما يقول مقال تحليلي لمراسل راديو كندا في العاصمة الفدرالية أوتاوا، كريستيان نويل.
وتواجه منظمة الكومنولث انقسامات عميقة بشأن الحرب في أوكرانيا. ’’لبعض دول الكومنولث مواقف مؤيدة بوضوح لروسيا‘‘، يشرح البروفيسور فريديريك ميران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتريال.
فقد امتنع ما يقرب من 20% من دول الكومنولث عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في تصويت تاريخي في الجمعية العامة للأمم المتحدة أوائل آذار (مارس) الفائت.
ترفض دول إفريقية نامية، ولكن أيضاً لاعبون أكبر مثل جنوب إفريقيا والهند وباكستان، إدانة الغزو العسكري لأوكرانيا خوفاً من الإضرار بعلاقاتها الدبلوماسية أو الاقتصادية مع روسيا.
وبالتالي ستكون الكواليس الخلفية لمؤتمر الكومنولث مسرحاً لمحادثات ومفاوضات لمحاولة إقناع البعض من تلك الدول بتغيير موقفها.
’’رئيس الوزراء ترودو سيعمل بجد لحشد هذه الدول‘‘، يقول أحد كبار ممثلي الحكومة الكندية، ’’سنجري محادثات صريحة وجهاً لوجه حول الطاولة‘‘.
يُشار إلى أنّ روسيا تمنع تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية. إنها ’’جريمة حرب حقيقية‘‘، يقول جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
’’(الـ)حرب (التي تقوم بها) روسيا تأخذ جنوب أفريقيا رهينة‘‘ بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، قال من جهته الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب ألقاه أمام الاتحاد الأفريقي في وقت سابق من هذا الأسبوع.
لكنّ العديد من دول الكومنولث الحساسة للدعاية الروسية تعتقد أنّ أزمة الغذاء هذه ناجمة عن خطأ ارتكبته دول الغرب لأنّها فرضت عقوبات على نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بالنسبة للدول الغربية، تتمثّل أزمة الغذاء بالقليل من التضخم فقط. لكن بالنسبة لبعض دول الشرق الأوسط أو إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يمكن أن تؤدّي (الأزمة) إلى المجاعة
نقلا عن البروفيسور فريديريك ميران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتريال
لذلك يعتزم ترودو استخدام جزء من وقته في قمة الكومنولث لجذب البلدان ’’الصغيرة والهشة والضعيفة‘‘ والتي تشعر بأنّ ’’أمنها الغذائي وأيضاً حصولها على البنزين والغاز الطبيعي والمواد الغذائية قد تضاءلا‘‘، يقول أحد كبار ممثلي الحكومة الكندية.
للمساعدة في جذب هذه البلدان النامية إلى صفوفها، تعتزم الدول الغربية في الكومنولث أن تقدّم لها المساعدة المالية والإنسانية من أجل تحسين قدراتها لمواجهة التغيرات المناخية وتعزيز أمنها الغذائي والمساهمة في تنميتها المستدامة،
حسب مسؤول حكومي كندي.
وسيكون الأمن الغذائي أيضاً أحد الملفات الرئيسية في قمة مجموعة الدول السبع الصناعية التي تنعقد في ألمانيا من 26 إلى 28 حزيران (يونيو) والتي تشكل المحطة الثانية من رحلة رئيس الحكومة الكندية.
ودعت مجموعةُ السبع الهندَ وجنوب إفريقيا والأرجنتين والسنغال لمناقشة ملف الأمن الغذائي معها. ومن بين هذه الدول الأربع الأرجنتين هي الوحيدة التي أدانت الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا.
والمحطة الثالثة لجولة ترودو الدولية ستكون العاصمة الإسبانية مدريد حيث تنعقد قمّة منظمة حلف شمال الأطلسي (’’ناتو‘‘) من 28 إلى 30 حزيران (يونيو). ويسود تباين حالياً داخل الحلف العسكري الأطلسي بشأن الخطوات العسكرية والإنسانية المقبلة المتصلة بالحرب الدائرة في أوكرانيا.