أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد شياع السوداني، الجمعة، توضيحا بشأن اختيار الكابينة الحكومية، مؤكدا أن الكتل السياسية ستترك مهمة اختيار الوزراء لشخص رئيس الوزراء.
لكن بيان المكتب أشار إلى أن الكتل ستقدم المرشحين للسوداني ليختار منهم”بناء على الكفاءة والنزاهة والقدرة على إدارة الوزارة، وفقا للأوزان الانتخابية لكل كتلة”.
وكان السوداني قد أكد في أول خطاب له أن كابينته ستكون “حكومة كفاءات” داعيا القوى السياسية إلى “ترشيح شخصيات كفوءة ومهنية ونزيهة”.
في المقابل، ثمة شكوك حول إمكانية خروج حكومة السوداني عن نطاق المحاصصة، والتوافقية و”الأوزان” السياسية..
دستوريا، أمام رئيس الحكومة السوداني 30 يوما لتشكيل حكومة منذ تاريخ تكليفه، وقد أعلن السوداني الشروع في مفاوضات مع القوى السياسية منذ اختياره الأسبوع الماضي، لحسم توزيع المناصب في ما بينها.
رحيم العبودي، عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة الوطني، أحد مكونات الإطار التنسيقي الداعم للسوداني، يعتقد أن الحكومة القادمة ستكون حكومة كفاءات وهو ما سيتيح “لرئيس الوزراء المكلف جمع فريق منسجم قادر على تقديم خدمات حقيقية وفاعلة للعراقيين”.
وأوضح العيودي في رد على استفسارات “الحرة” أن الاعتماد على “المحاصصة في اختيار الكابينة الوزارية لن يخدم السوداني، وأن أي خيارات ستفرض عليه من خلال المحاصصة ستضر بفريقه”.
ويرفض المحلل الكاتب السياسي، يحيى الكبيسي، بشكل قاطع احتمال خروج السوداني عن المحاصصة، إذ “لا وجود لشيء اسمه حكومة كفاءات في العراق”، لأن “الوزارات بالنسبة للقوى السياسية هي أداة للاستثمار في المال العام لتوفير موارد مادية، وزبائنية للفاعلين السياسيين، وبالتالي ليس من المنطقي ترشيح كفء ونزيه لأن ذلك سيكون متناقضا مع الغرض الجوهري من الحصول على الوزارة”.
وتتوفق الباحثة السياسية، هبة الفدعم مع الكبيسي في أن تشكيل الكابينة الجديدة سيعتمد على “تقسيم وتوزيع الوزارات بين المكونات المشتركة في العملية السياسية، وهذا التوزيع لا يعتمد الكفاءة بل سيعتمد على المحاصصة الطائفية، مع الأخذ بالنظر عدد نواب كل كتلة ونصيبهم في الوزارات”.
ويذهب عضو ائتلاف دولة القانون، من قوى الإطار التنسيق، عادل المانع إلى أن الأمر لا يتعلق بالـ”محاصصة” أو “الكفاءات”، بل بـ”حكومة ممثلة لمكونات المجتمع العراقي، إضافة لما تمثله الأحزاب السياسية، أكانت كردية، تركمانية، عربية، سنية، شيعية، مسيحية”.
وكان الإطار التنسيقي قد أعلن الخميس عن “تفويض السوداني .. لاختيارات الوزارات التي تتعلق بوزن الإطار الانتخابي بعد تقديم القوى السياسية قوائم بأعدادهم ونوابهم بتواقيع حية ومرشحين وحسب معايير رئيس الوزراء المكلف على طيف من الوزارات”.
وزاد في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية أن الإطار “فوض السوداني أيضا بتدوير الوزارات بين المكونات أو داخل المكون، واستثناء وزارات الداخلية والدفاع من المحاصصة وترشيح شخصيات مدنية او عسكرية، بما يضمن تحقيق حكومة خدمة فاعلة تتفق مع البرنامج الوزاري”.
آلية الاختيار
يقول الخبير الدستوري، علي التميمي لموقع “الحرة” إن الشروط الواجب توفرها في الوزير هي نفس الشروط المطلوبة في عضو البرلمان. وبحسب المادة 77 من الدستور العراقي يجب أن “يكون حاصلا على الشهادة الجامعة، وآلا يقل عمره عن 28 عاما، وغير مشمول بقانون هيئة المساءلة والعدالة، وغير محكوم بجنحة أو جناية مخلة بالشرف”.
ويقترح العبودي أن يسلك السوداني خيارا “وسطيا في التعامل” بأن “يضغط على القوى السياسية المختلفة، لتوسيع مساحة اختياره وتعدد الخيارات التي تطرحها الجهات السياسية حتى لا تكون هناك محاصصة بالكامل”، خاصة في الوقت الذي تواجه فيه البلاد “انعطافة سياسية”.
ويعتقد الخبير الدستور أن “القوى السياسية ستقوم بطرح مرشحين أكفاء، ولكن يبقى الخيار للسوداني إما بالاختيار من هؤلاء المرشحين أو أسماء أشخاص آخرين يرى فيهم الكفاءة للمنصب”.
وترى الباحثة السياسية الفدعم أن “رئيس الوزراء ما هو إلا شخص موظف لدى أصحاب النفوذ الفاعلين واللاعبين الرئيسيين، وليس هو من يختار، وهو يتبع فقط ما يملى عليه”.
ويصر المحلل السياسي، يحيى الكبيسي، على أن “آلية اختيار الوزراء في هذه الحكومة لن تختلف عن آليات اختيار الوزراء في الحكومات السابقة، إذ إن الفاعلين السياسيين الأقوياء الذين يمتلكون أوزانا كبيرة في مجلس النواب سيفرضون اسما واحد لكل وزارة من وزاراتهم، ولن يعطوا لرئيس الوزراء حتى فرصة الاختيار بين مرشحين أو ثلاثة”.
ويشرح الخبير الدستوري التميمي أن رئيس الوزراء المكلف ليس ملزما بتقديم كل “كابينته الوزارية إنما يمكنه تقديم جزءا منها خلال مدة شهر”، وذلك بحسب قرار المحكمة الاتحادية لعام 2010.
ويرجح كل من عضو ائتلاف دولة القانون، عادل المانع، وعضو الهيئة العامة لتيار الحكمة الوطني، رحيم العبودي، أن يتم التصويت على منح الثقة “بكابينة تشكل أكثر من نصف عدد الوزارات في جلسة ستعقد الاثنين المقبل”.
ورجح تيار الحكمة الوطني الجمعة أن يجرى التصويت على الحكومة الجديدة في جلسة الثلاثاء، وفق ما نقل تقرير لوكالة الأنباء العراقية عن تصريحات لعضو التيار كرم الخزعلي.
وأشار الخزعلي إلى أن “تيار الحكمة أعلنها منذ البداية أنه لن يشترك في الحكومة لكنه سيكون داعما لها في تقديم الخدمة”.
وتقول الباحثة الفدعم إن “التصويت على الحكومة المقبلة سوف يتم بأسرع وقت ممكن لأن المجتمع الدولي هو من منح هذا الضوء الأخضر لخروج العراق من الانسداد السياسي”، بينما يؤكد الكبيسي أن “الخلافات بشأن توزيع الوزارات لا تزال قائمة، وهذا ما قد يضطر رئيس الوزراء المكلف إلى تأجيل تسمية بعض الوزراء، ولكن الجميع يسعى لأجل تمرير الكابينة ولو بنصف الوزراء”.
وكان “ائتلاف إدارة الدولة” الذي أنشئ في الأشهر الأخيرة، ويضم أبرز القوى الموجودة في البرلمان العراقي حاليا، قد أعلن الثلاثاء عزمه على عقد جلسة برلمانية السبت لمنح الثقة للحكومة التي يقوم السوداني بتشكيلها، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
ويضم “إدارة الدولة” الأحزاب الشيعية الموالية لإيران المنضوية في الإطار التنسيقي الذي يملك 138 نائبا من أصل 329، بالإضافة إلى تحالف “السيادة” السني بقيادة محمد الحلبوسي، فضلا عن الحزبين الكرديين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وجاء انتخاب الرئيس وتكليف رئيس جديد للحكومة، بعد أزمة سياسية طويلة منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021، وصلت في ذروتها إلى أعمال عنف.
وأعلن الخصم الرئيسي للإطار التنسيقي، الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، أنه لن يشارك في الحكومة المقبلة.