كان لِتوقيف الصحفي الجزائري إحسان القاضي، مدير إذاعة الانترنت ’’راديو أم‘‘ (Radio M) وموقع ’’مغرب إيمرجان‘‘ (Maghreb Émergent)، أصداءً في مونتريال حيث أُقيمت طاولة مستديرة حول حرية الصحافة في بلدان المغرب العربي.
ونُظمت المناقشة من قِبل منصة الإعلام المواطنية البديلة ’’ألتيرنا تيفي‘‘ (AlternaTV) في 28 ديسمبر الماضي.
وشارك فيها العديد من المتحدثين في مونتريال وافتراضيّاً في قارتين أخريين. وتمّ بثها مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مداخلته من الجزائر، أوضح الصحفي سعيد بودور من ’’راديو أم‘‘ أن اعتقال إحسان القاضي يأتي في سياق من القمع الشامل في الجزائر.
وأشار إلى حيثيات هذه القضية التي بدأت في 24 ديسمبر/كانون الأول باعتقال الصحفي وتشميع مقر الإذاعة وموقع الانترنت.
وحسب وكالة الأنباء الجزائرية (الرسمية) ، فقد تمّ يوم الخميس الماضي إيداع إحسان القاض ” الحبس المؤقت لمتابعته بعدة تهم من بينها تلقي أموال ومزايا من هيئات وأشخاص داخل الوطن وخارجه قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة وعرض منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية، حسب ما أورده بيان لوكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد [الجزائر].‘‘
وندّدت منظمة مراسلون بلا حدود (RSF) بهذا الاعتقال ودعت ’’السلطات إلى وضع حد لهذه العراقيل التي قد تؤدّي إلى نهاية آخر صوت حر للصحافة في الجزائر.‘‘
وخلال النقاش، أعرب الصحفي أمين الصغير عن أسفه لما آل إليه الوضع في الجزائر حيث أن ’’كبريات الصحف الجزائرية لم تنقل خبر الاعتقال.‘‘
ولم يتمكّن الناس من الاطلاع على الخبر إلّا بفضل شبكات التواصل الاجتماعي.
’’دخلتُ الانترنت للتحقق في الصحف [الجزائرية] الكبرى، ولم أجد أحداً يتحدث [عن هذا الاعتقال]. هناك بالتأكيد رسالة وُجّهت لِمسؤولي هذه الصحف بعدم الحديث عن توقيف [إحسان القاضي].”
نقلا عن أمين الصغير ، صحفي (مونتريال)
وأضاف أن هناك صحفيين جزائريين ينددون باعتقال إحسان القاضي لكنهم لا يكتبون شيئاً عن الموضوع في صحفهم.
وعندما سأله رابح مولّا، مؤسس ’’ألترنا تي في‘‘، عن الوضع الحالي للصحافة الجزائرية، أوضح الصحفي السابق في راديو كندا أكلي أيت عبد الله أنه ’’لفترة طويلة، لم تتعرض الصحافة والمجتمع الجزائري لتهديدات كما هو الحال اليوم. فقد وصلت الاعتقالات للمئات.‘‘
تونس
وعندما طلبت منها منشطة اللقاء عاليا فرحات التعليق على الاعتقال، قالت دكتورة العلوم السياسة المتخصصة في العالم العربي والمنطقة المغاربية، خديجة محسن فينان إنها تعرف مدير الإذاعة منذ أكثر من ثلاثين عاماً وقد عملت معه في مشاريع مشتركة.
وأضافت أن البلدان المغاربية الثلاثة تمر بمنعطف استبدادي.
في تاريخ العالم العربي والمغرب العربي، نلاحظ أنه خلال الثلاثين سنة الماضية، في كل مرة توجد فيها إرادة السلطة لفرض نفسها، هناك إرادة لإسكات الناس ووسائل الإعلام.
نقلا عن خديجة محسن فينان
وفي حالة تونس، أعربت عن أسفها أنّه بعد مرور 10 سنوات على الثورة التونسية ’’ما زلنا نتحدث عن صحفيين في السجن وخوف وصحف مغلقة. إنه أمر يدفع إلى اليأس.‘‘
وقالت :’’لقد رأينا صحفيين يُحاكَمون أمام محاكم عسكرية ويتم استجوابهم بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.‘‘
ومن جانبه قال خالد درارني على تويتر، ’’إن تحويل القوانين القائمة إلى وسيلة لملاحقة الصحفيين يحمل في طياته انحرافاً خطيرا. على مجلس النواب [التونسي] أن يضع حرية الصحافة ضمن أولوياته قبل أن يفوت الأوان وتضيع منجزات ثورة 2011 بالكامل.‘‘
المغرب
وكان من المفروض أن يتحدث المؤرخ والصحفي المغربي المعطي منجب من المغرب للحديث عن حالة بلاده ، لكنه لم يتمكن من الاتصال بالمناقشة.
وهو نفسه حُكم عليه في عام 2021 بالسجن لمدة عام بتهمة ’’الاحتيال‘‘ و ’’المساس بأمن الدولة‘‘ ولا يمكنه حاليّاً مغادرة بلاده.
وبخصوص المغرب، قالت منظمة مراسلون بلا حدود إنّ الصحفي المغربي المسجون عمر الراضي ’’يواجه موجة استفزازات جديدة من إدارة السجن الذي يقبع فيه منذ أكثر من عامين ونصف العام.‘‘
وعن اتهام إحسان القاضي بالتمويل الأجنبي، أكّد الصحفي أكرم بلقايد من جريدة ’’لوموند ديبلوماتيك‘‘ (Le Monde diplomatique) الذي تدخّل من باريس أن “جميع وسائل الإعلام عبر العالم يتمّ مساعدتها بطريقة أو بأخرى من أجل العمل بشكل طبيعي. يوجد في منطقة البحر الأبيض المتوسط عدد كبير من المنشورات التي تستفيد إما من التمويل أو من التدريب. هذا لا يعني أنّها خاضعة لمن يقدّم المساعدة.‘‘
ومن جانبه، أضاف الصحفي سعيد بودور أنّ التمويل الأجنبي في الجزائر يُعدّ مخالفاً للقانون إذا لم يتمّ تبليغ السلطات عنه. وذكر أنّ ’’هناك حملة لِشيطنة ’راديو أم‘ والتأثير على الرأي العام وحتّى القضاء.‘‘
«معاقبة ’راديو أم‘ تمّ بناءً على مواقفها وخطّها الافتتاحي لأنّ هناك تمويل [أجنبي] لجمعيات ومؤسسات أخرى مثل برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم المجتمع المدني [في الجزائر] وبرنامج آخر مموّل من الولايات المتحدة دون أن يكون هناك شيطنة للجمعيات المستفيدة.‘‘
نقلا عن سعيد بودور