بقلم : هادي المهدي
في ظل تفشي وباء كورونا في العالم أجمع تقريباً ومع إشارات الى أنّ قدرة المرض على انهاء حياة الشخص تزداد مع ارتفاع عمر الشخص المصاب لأسباب تتعلق بضعف المناعة وأخرى تتعلق باحتمالية إصابة هذا الفرد المسن بأمراض أخرى من قبيل السكر والضغط وخلافه قبل إصابته بالفيروس. تصاعد الجدل عن كيفية التعامل مع كبار السن هؤلاء ومدى أخلاقية عزلهم عن باقي المجتمع وقد حثني ذلك للتفكير في الامر ليس فقط في وقتنا الراهن الذي باغتنا فيه هذا الفيروس الخطير وإنما فكرت في الأمر على وجه العموم ووضعني هذا التفكير أمام سؤال كبير وهو كيف يكون تعاملنا مع كبار السن وخصوصاً ان لي أبوين تخطيا السبعين من عمرهما مما يعني أنني أحدثكم من قلب تجربة خاصة بي. إن الإشكال الكبير في تعاملنا مع كبار السن هو فجوة الزمن بمعنى أننا نتعامل بأدوات مادية وسلوكية تنتمي الى زمان يختلف عن زمانهم الذي كانت به أدوات مادية وسلوكية مغايرة. إذا بدأنا بالأدوات المادية فإن التكنولوجيا التي بين أيدينا اليوم ليست كتلك التي كانت لديهم وهم في شبابهم حتى إن قبولنا الآن للتعارف على أحد الأشخاص عبر الفيسبوك وإقامة صداقة أو علاقة من أي نوع معه يمثل بالنسبة لهم أمراً لا يمكن قبوله على الاطلاق حتى أن والدتي قريباً بادرتني بسخرية شديدة حين قصصت عليها قصة شاب وشابة اعرفهما ابتدت علاقتهما على السوشيال ميديا حتى وصلت الى محطة الزواج. على المستوى السلوكي أجد أننا أيضاً أبناء ثقافة استطاعت كسر الكثير من التابوهات التي تحملتها ثقافة آبائنا واجدادنا، لا أدافع عن هذا الأمر ولا أهاجمه فهذا موضوع آخر، أنا أتحدث من زاوية ضيقة جداً تتعلق بالسلوك الرحيم ليس إلا. في الوقت الذي يكون مستساغاً لدينا التواصل مع شخص لفترات طويلة عبر السوشيال ميديا واعتبار ذلك أمر مقبول جداً ومطمئن بشدة فإن هؤلاء المسنين لا يجدون معناً للتواصل سوى الرؤية المادية بالعين والمصافحة المادية باليد واحتضان الشخص العزيز عليهم ولا تمثل لهم رسالة واتساب أي قيمة تذكر مهما كانت مليئة بالكلمات الجميلة. ختاماً ينبغي أن نتعامل مع كبار السن من زاوية الرحمة بهم والعطف عليهم وعدم وضع أنفسنا بأحمالنا التكنولوجية الحديثة في حالة تحدي معهم ومع زمانهم وعلى الجانب السلوكي الذي عنيته في هذا المقال أرى أننا ينبغي أن نتعامل معهم بما يحقق الرضا لهم هم, وان نقدم لهم ما هو ذو قيمة لديهم هم, حتى وان بدا لنا شيئاً تجاوزه الزمن هذا إن كنا رحماء بهم حقاً.