الأول من تموز / يوليو، هو العيد الوطني الكندي يوم تشكلت نواة الدولة الكندية عام 1867 باتحاد أربع مقاطعات ما لبث أن انضمت إليها تباعا سائر المستعمرات البريطانية لتتشكل الكونفيدرالية الكندية من عشر مقاطعات و إقليمين ، قسما لاحقا إلى ثلاثة اقاليم.
ينظر العديد من الكنديين إلى الأول من يوليو، تاريخ العيد الوطني، على أنه مناسبة للتفكير والمصالحة.
في شمال مقاطعة أونتاريو، على سبيل المثال، قررت ثمانية مجتمعات من الأمم الأوائل عدم الاحتفال بالعيد الوطني للسنة الثانية على التوالي. ويحيي هؤلاء السكان الأصليون بدلا من ذلك ذكرى أطفالهم الذين لقوا حتفهم في المدارس الداخلية في الماضي، معتبرين يوم الأول من يوليو يوم حداد وليس عيدا وطنيا.
يأمل زعيم أمة Moose Cree (نافذة جديدة)ميرفين شيشو في أن يكون هذا اليوم مناسبة للشعب الكندي لمعرفة المزيد عن تراث السكان الأصليين وتاريخهم.
وفي جنوب مقاطعة أونتاريو، أعرب المدير العام لمنطقة دورهام جون هنري، عن رغبته بتسليط الضوء خلال احتفالات المدينة بالعيد الوطني، للسنة الثانية على التوالي، على المصالحة مع الأمم الأوائل.
ويدعو جون هنري المواطنين إلى الاستفادة من اليوم الوطني لكندا ’’للتعرف على ماضي البلاد والعمل معًا من أجل مستقبل أفضل‘‘.
من جهتها، تعرب أستاذة علم النفس في جامعة كيبيك في مونتريال (نافذة جديدة) والشريكة في كرسي اليونسكو للوقاية من العصبية العرقية والتطرف العنيف، غيداء حسن، عن اعتقادها بأنه من المهم أن يتم التطرق إلى موضوع المصالحة في الأول من يوليو.
تردف المتحدثة بالقول: ’’ستتكرر عملية إعادة فتح الجروح، وستكون هناك عودة إلى إخفاقات المصالحة بشأن تلك الصدمات التاريخية […] وأعتقد أن العديد من المجتمعات التي تشعر بالتهميش تتوقع أن يصار إلى الاعتراف في النهاية، بالاستعمار الذي شهدته البلاد‘‘.
تعرب غيداء حسن أيضا عن سرورها بحقيقة أن هناك، على حد تعبيرها، انفتاحًا أكبر من جانب مؤسسات معينة، مثل الحكومات وقوات الشرطة، للاعتراف بالماضي الكندي.
في سياق متصل، يؤكد وزير العلاقات بين التاج والسكان الأصليين في الحكومة الكندية الفيدرالية مارك ميلر في تصريح خطي، بأن ’’اليوم الوطني لكندا هو أيضا وقت فرح وفرصة للاحتفال ببلد يشكّل فخرا للغالبية العظمى من أبنائه‘‘.
مع ذلك، يضيف الوزير في الحكومة الاتحادية، فإن هذا اليوم يجب أن يكون أيضًا ’’لحظة للتفكير في إرث الاستعمار وتأثيره الحالي على السكان الأصليين. وبالتالي، كما يعتقد الوزير ميلر، فإن الكنديين يتحملون مسؤولية جماعية لمواصلة العمل نحو المصالحة والتفكير في المسؤولية الفردية والجماعية في آن معاً‘‘.
من جهتها، ترى الشاعرة والأستاذة المساعدة في السياسة والدراسات الكندية في جامعة ماونت سانت فنسنت (نافذة جديدة) في مدينة هاليفاكس عاصمة مقاطعة نوفا سكوشا في الشرق الكندي، إل جونز، أنه يحصل العكس، إذ إن الكنديين، حسب تعبيرها، ’’هم أقلّ اهتماما بالمصالحة مع الأمم الأوائل اليوم بالمقارنة مع العام 2021‘‘. يذكر أنه في ذلك العام، عشية الاحتفال بالعيد الوطني، تم اكتشاف رفات أطفال ومئات القبور المجهولة الهوية في مواقع مدارس داخلية سابقة للسكان الأصليين في مقاطعتي بريتيش كولومبيا و ساسكاتشوان في غرب البلاد.
وتضيف المتحدثة بأن ’’قضايا مجتمعية رئيسية تتالى، لذلك فإننا ربما نلاحظ بأن الكنديين توقفوا عن الاهتمام عن كثب بما يعنيه الاحتفال باليوم الوطني لبلادهم‘‘.
وتوضح الأستاذة الجامعية بأن تداعيات الماضي لا تزال محسوسة.
وتضيف: ’’إنه على سبيل المثال، لا يزال هناك العديد من أطفال السكان الأصليين في مؤسسات الرعاية، وتشكل نساء السكان الأصليين الآن ما يقرب من 50٪ من إجمالي عدد السجينات في السجون الفيدرالية. أضف إلى ذلك أن بعض مجتمعات الأمم الأوائل ما زالت تفتقر إلى مياه الشرب‘‘.
هذا وتأسف المتحدثة لحقيقة أن البعض لا يريد إضافة عناصر من ثقافة السكان الأصليين إلى احتفالات اليوم الوطني لكندا.
تشير جونز هنا بشكل خاص إلى حقيقة أن بعضا من سكان وينيبيغ عاصمة مقاطعة مانيتوبا في وسط الغرب الكندي، أعربوا عن شعورهم بخيبة أمل لأن الجهة المسؤولة عن تنظيم احتفالات العيد الوطني في المدينة قد قامت بتغيير برنامجها تماشيا مع الرغبة للمصالحة مع الأمم الأوائل.
تتساءل المتحدثة: ’’إذا لم نتمكن حتى من قبول التغييرات في الطريقة التي نحتفل بها بهذا اليوم، فكيف يمكننا أن نأمل في أن نكون قادرين على قبول الحقوق الإقليمية أو حتى تاريخ الشعوب الأصلية ومحاولة تحقيق العدالة لهم؟‘‘
إن ذلك يظهر إلى أي مدى لا يزال يتعين علينا من جهد لاجتياز درب طويلة، وإلى أي مدى هناك مقاومة ضد التغيير.
نقلا عن إل جونز، الشاعر والأستاذة المساعدة في جامعة Mount Saint Vincent