السيد رئيس الجلسة أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي السيدات والسادة السلام عليكم
أقف أمامكم ممثلا عن منظمتي منظمة المجموعة الكندية التكاملية مقرها الرئيس مدينة وينزر مقاطعة اونتاريو الكندية متحدثا عن بلدي العراق وشعبه الحضاري الضارب في عمق التاريخ والذي عرفته البشرية بهذا التوصيف. نجتمع اليوم ومازلنا نواجه التحديات الصحية والناتجة عن وباء covid-19 كما لم تزل قضايا العنف والإرهاب وتحديات التنمية المستدامة وتغير المناخ تمثل تحديات خطيرة تتطلب منا حلولا جدية، هذه التحديات تؤكد من جديد ان للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنها منظمتنا والتي لها دورا اساسي في تنسيق المواقف لمواجهة التحديات في العراق وخارجه وقد ان الاوان لنواجه الاخطار معا واجتماعنا هذا العام يمثل فرصة للتعاون والاتفاق على خارطة طريق عمل للمستقبل في العراق، ونعرب عن بالغ تقديرنا كمنظمة إنسانية خيرية اجتماعية تنسق بين الحكومات العربية والدولية وبعض المنظمات الدولية الرسمية وشبه الرسمية ومنظمة الصحة العالمية على جهودها في دعم العراق في التصدي لهذا الوباء الذي فتك بالملايين من البشر لحد اليوم.
السيد رئيس الجلسة، الحضور الكرام لقد عصفت بالعراق وشعبه على مدار الاربعين عام الماضية الحروب والحصار والاضطهاد وحملات الابادة والانفال والمقابر الجماعية واستعمال الاسلحة الكيمياوية في حلبجة وتجفيف الاهوار واستباحة الارهاب لمدننا وقتال الجماعات الارهابية ليكون العراق مصدا لأمن واستقرار المنطقة بل العالم بأسره نجحنا بتجاوز هذه الماسي الرهيبة وتمكنا من تحرير مدننا من دنس داعش وحماية العالم من جرائمه ببسالة قواتنا المسلحة من الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة وبدعم التحالف الدولي وجيراننا وأصدقائنا والدور الكبير للمرجعية الدينية في النجف الاشرف التي حشدت قوى الشعب في هذه المواجهة المصيرية كما تواصل قواتنا المسلحة بحزم عملياتها للقضاء على ما تبقى من الخلايا الارهابية التي تهدد امن المنطقة والعالم اذ لا يمكن ان نستخف بخطورة الارهاب ونجزم ان التهاون او الانشغال في الصراعات بمنطقتنا سيكون متنفسا لعودة تلك المجاميع الارهابية وتهديد شعوبنا وامننا اذ لا خيار لنا الا التعاون والتكاتف في مواجهة ظاهرة الارهاب والجماعات الداعمة لها ومكافحة تمويله ومعالجة اثاره الخطيرة وانصاف ضحاياه وضمان عدم تكرار الماسي الرهيبة وهنا دعوني ادعوكم جميعا لإتمام الواجب الانساني والأخلاقي الان ومنذ اليوم في إعمار المدن والقرى المحررة واعادة النازحين الى ديارهم ويتطلع ابناء العراق الى المزيد من دعم المجتمع المدني والاستجابة الى الاحتياجات الانسانية الطارئة وتعزيز القدرات في اعادة البنى التحتية في البلد بما يسهم بعودة الحياة الطبيعية الى المدينة.
السيدات والسادة ان ظاهرة الفساد هي الاخرى تهدد امن واسقرار العالم اجمع ، ويواجه بلدنا ظاهرة الفساد بسبب الارث الخطير من الحروب والنزاعات والعنف التي بددت الكثير من موارد بلدنا وحرمت العراقيين من التمتع بخيرات بلده ولذا فإن مكافحة الفساد في العراق اليوم معركة وطنية لن يصلح وضع البلد قبل الانتصار فيها وترتكز هذه المعركة على الحد من منابع الفساد واغلاق منافذه والعمل على استرداد ما تم نهبه وتهريبه من اموال يستخدم جزء كبير منها لإدامة العنف والفوضى في البلد فلا خيار امامنا الا الانتصار في هذه المعركة وإلتزاما بمكافحة الفساد. انضم العراق لإتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2000 واتفاقية جامعة الدول العربية لمكافحة الفساد لسنة 2010 ولكن لم يتم محاسبة اي فاسد لحد اليوم واعادت الاموال التي هربت من العراق وهي مصدر خيرات الشعب العراقي ومصدر رزقه الوحيد وهنا دعوني ان ادعو هيئة الامم المتحدة اليوم ومن خلال كلمتي هذه الى تبني مشروع قانون لإسترداد الاموال المنهوبة كما نظمت الحكومة مؤخرا مؤتمرا من اجل تنسيق الجهد لتحقيق ذلك ومن هنا ادعو ايضا الاصدقاء في المجتمع الدولي لمساعدتنا في الكشف واسترداد اموال الفساد المهربة من العراق اذ ان تحقيق ذلك سيكون خطوة حاسمة في ردع الفساد ونجدد دعوتنا في تشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد وارجاع الاموال المنهوبة على غرار التحالف الدولي ضد الارهاب اذ لا يمكن القضاء على الارهاب الا بإنهاء الفساد بوصفه اقتصاديا وسياسيا للعنف والارهاب فالفساد والارهاب مترابطان ومتلازمان ويديم احدهم الاخر.
السيد رئيس الجلسة الحضور الكرام، يواجه كوكبنا خطرا يتجسد امامنا في التغيرات المناخية الحادة التي تهدد مستقبل اجيالنا القادمة قد نختلف سياسيا لكن علينا ان نتحد معا في مواجهة التغير المناخي فهو خطر يهدد الجميع. والعراق اليوم يمر بظروف مناخية صعبة من التصحر وشحة في الموارد المائية جعلت البلد خامس اكثر البلدان هشاشة تجاه التغيرات المناخية ووفق التقرير السادس للتوقعات البيئية العالمية لمنطقة غربي اسيا علينا إنعاش وادي الرافدين فهذه المنطقة من الارض كان يطلق عليها ارض السواد وجنات عدن من شدة خضرتها وارضها الخصبة والعراق بموقعه الجغرافي في قلب المنطقة وتنوعه البيئي حيث النخيل والاهوار وجبال كردستان يمكنه ان يكون منطلقا لجمع دول الشرق الاوسط بيئيا وهذا يتطلب الدعم الدولي بمختلف مجالاته لمساندة جهود العراق وتمكينه من تنفيذ هذه السياسات والاستراتيجيات الوطنية.
فأزمة المناخ لا تميز، ان تستثني بلدا دون اخر. والتكيف معها وتحجيم اضرارها لن ينجح عبر خطوات فردية، ولن يلسم بلد يعتقد ان اجراءاته كفيلة بحمايته من مخاطر التغير المناخي من دون اجراءات مماثلة لجيرانه ومنطقته والعالم ككل. فالعواصف الرملية، وشحة المياه بسبب التجاوز على حصص المياه لنهري جلة والفرات وباقي الروافد التي تدعم نهر ديالى من قبل الدول المجاورة للعراق سيما وان ارتفاع درجات الحرارة والتصحر مخاطر عابرة للحدود لن تعالج الا بتنسيق وتخطيط دولي مشترك عالي المستوى يدمج الخطط الوطنية والاقليمية والدولية مع بعضها البعض.
السيدات والسادة يقع العراق بمنطقة الشرق الاوسط التي عانت وتعاني من حروب ونزاعات مستحكمة جراء انهيار منظومتها الامنية والساسية وكان غياب العراق عن دوره الطبيعي في المنطقة احد اسباب فقدان الاستقرار الاقليمي وفي ظل ذلك يجب على حكومة العراق وقياداته انتهاج سياسة متوازنة ترتكز على دعم الحوار وتخفيف التوترات والبناء على المشتركات وتشكيل الحكومة التي طال انتظار تشكيلها بسبب تجاذبات الاحزاب في السلطة لحد قرائتي هذه الكلمة امامكم، اذ نؤكد الحاجة الى منظومة جديدة تستند على التعاون والترابط الاقتصادي بين دول المنطقة وبمشاركة المجتمع الدولي وتستجيب للتحديات المشتركة من الارهاب والتطرف وتقلبات الاوضاع الاقتصادية وعدم التمكن من توفي فرص عمل للاعداد المتنامية من شبابنا وايضا التداعيات الخطيرة للمتغيرات المناخية وانطلاق من ذلك ندعو الحكومة المؤقتة الحالية والحكومة التي ستشكل في المستقبل للتعاون والشراكة مع كافة المكونات العرقية لنؤكد ان العراق الذي كان عنوانا للتنازع نريده نقطة تلاقي مصلحة شعوب ودول المنطقة وان نجاح مساعي احلال السلام لن يتم دون العراق.
العراق الامن والمسقر بسيادة كاملة واعادته لدوره المحوري في المنطقة وهذا يستدعي دعما اقليميا ودوليا وانهاء تنافسات وصراعات الاخرين على ارضنا في هذا السياق نشير ايضا الى ان استمرار الازمة والحصار على سوريا وتداعياتها الانسانية الرهيبة بات غير مقبول ونذكر ان بؤرا خطيرة للارهاب تنشط بإستمرار وتعتاش على ديمومة هذه الازمة وتهدد الشعب السوري وتهدد بلدنا وكل المنطقة وقد ان الاون لتحرك جاد لإنهاء معاناة السوريين يستند الى حقهم في السلام والحرية واستئصال بؤر الارهاب هناك.
السيد رئيس الجلسة الحضور الكرام ايها الاعزاء، ان العراق هو مثال حي للتنوع والتعايش الانساني العميق في التاريخ وشعبنا يشعر بقوة التنوع والتعايش الراسخة في جذوره ويدرك ان الامم تقوى حينما يكون التنوع معيارا لثقافتها واختتم حديثي سيادتي وسادتي بالقول اننا شركاء في هذا الكوكب شركاء في التطلعات وفي الهواجس والمخاوف وفي القيم الانسانية نحتاج ان نشعر ونقف مع بعضنا لإيقاف التدهور البيئي وتجنب الحروب والصراعات اذ الاستجابة لذلك افضل هبة نمنحها لمستقبل اجيالنا القادمة هلموا نعمل ونتعايش معا ونأخذ الدستور الكندي مثالا للتعايش السلمي.
الشكر والاحترام للقائمين على هذا المؤتمر والعاملين عليه والسلام في الختام.