أعلنت الحكومة الفدرالية أمس أنها ستبدأ المفاوضات النهائية لشراء طائرات مقاتلة من طراز ’’إف – 35‘‘ (F-35) من الشركة المصنعة الأميركية ’’لوكهيد مارتن‘‘ التي تمّ اختيارها كصاحب العرض المفضَّل لتبديل أسطول كندا من طائرات ’’سي إف – 18‘‘ (CF-18)، الأميركية الصنع أيضاً، المتقادمة.
وكندا جزء من الكونسورتيوم الذي موّل تطوير الـ’’إف – 35‘‘، وهي تسعى لشراء 88 طائرة من هذا الطراز بمبلغ أقصاه 19 مليار دولار.
وإذا لم تنجح المفاوضات مع ’’لوكهيد مارتن‘‘ تحتفظ الحكومة الكندية بالحق في اللجوء إلى شركة ’’ساب‘‘ (Saab) السويدية التي حلت مقاتلتها ’’غريبن‘‘ (Gripen) في المرتبة الثانية خلف ’’إف – 35‘‘ في المنافسة بين العروض.
وزيرة الخدمات العامة والمشتريات في حكومة جوستان ترودو الليبرالية في أوتاوا، فيلومينا تاسي، قالت أمس في مؤتمر صحفي إنّ الحكومة تريد توقيع عقد بحلول نهاية العام الحالي من أجل استلام الطائرات الأولى في عام 2025.
مارك غودبو، مراسل راديو كندا في العاصمة الفدرالية أوتاوا، تناول في تحليل له اليوم هذا الموضوع.
’’نميل إلى نسيان الأمر، لكن مضى حتى الآن ربع قرن منذ أن بدأت قصة إستحواذ كندا المحتمَل على الـ’إف – 35‘ ‘‘، يقول غودبو.
’’في عام 1997 قرّرت حكومة جان كريتيان الليبرالية أنّ لكندا كل المصلحة في أن تنضمّ إلى كونسورتيوم متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة لإنتاج طائرة مقاتلة مشتركة جديدة. ودون أن تعد بشراء هذه الطائرة، وافقت كندا على المشاركة مالياً في تطويرها‘‘، يضيف غودبو.
ولكن ’’في غضون 25 عاماً، كشفت طائرة ’إف – 35‘ كلّ ما هو غير فعال في النهج الذي تتبعه كندا في مشترياتها الدفاعية‘‘.
ويذكّر غودبو بأنّ حكومة حزب المحافظين برئاسة ستيفن هاربر أعلنت في صيف عام 2010 عن شراء 65 طائرة من طراز ’’إف – 35‘‘.
’’استبدال الـ’سي إف – 18‘ المتقادمة كان ينبغي أن يكون عملية بسيطة. لكن بدلاً من ذلك تحوّل إلى إخفاق تام مع عدم طرح المحافظين مناقصة تنافسية‘‘، يضيف غودبو.
ويستشهد غودبو بكلام البروفيسور ستيفان روسيل من المعهد الوطني للإدارة العامة (ÉNAP) في مونتريال، وهو خبير في شؤون السياسة الخارجية والسياسة الدفاعية الكندية: ’’التسييس هو الذي جعل الأمور تخرج عن السيطرة. فالـ’إف – 35‘ سرعان ما أصبحت رمزاً لتشويه سمعة الخصم السياسي‘‘.
لطالما كان التسييس العدو الأكبر لاستبدال الطائرات المقاتلة الكندية
نقلا عن ستيفان روسيل، بريفيسور في المعهد الوطني للإدارة العامة
أرادت حكومة هاربر أن تجعل الاستحواذ على طائرة ’’إف – 35‘‘ وسيلةً مفيدة لتحسين مصيرها السياسي‘‘، يضيف غودبو، ’’لكنّ الأمور تغيرت عندما اكتشف الكنديون أنه بدلاً من 9 مليارات دولار، فإنّ الأسطول المكوّن من 65 طائرة ’إف – 35‘‘ سيكلّف بالفعل نحواً من 30 مليار دولار‘‘.
ويذكّر غودبو بأنّ مدقق كندا العام ’’استنتج في تقرير دامغ‘‘ أنّ عملية شراء الطائرات لم تحترم الأصول الواجب اتّباعها واتسمت بالتسرع. وهذا لم يساعد حكومة هاربر في ملف الطائرات.
’’لم يتردد الليبراليون في اغتنام كل الفرص لاستخدام الـ’إف – 35‘ ضدّ المحافظين. وهل نحتاج إلى التذكير بأنّ الزعيم الليبرالي جوستان ترودو تعهّد خلال الحملة الانتخابية، قبل توليه السلطة عام 2015، بعدم شراء طائرات ’لوكهيد مارتن‘ هذه؟‘‘، يقول غودبو.
’’ومع ذلك، بعد سبع سنوات من تعهدهم بعدم تزويد كندا بمقاتلات ’إف – 35‘، يفعل الليبراليون العكس‘‘، يضيف غودبو.
’’بإعلانها، بعد اتّباع عملية تنافسية، أنها اختارت في النهاية هذه الطائرة، يجب على حكومة ترودو أن تدافع عن نفسها لإضاعتها سنوات ثمينة‘‘، يرى غودبو.
’’بالإضافة إلى الحسابات السياسية والنقاشات التي لا تنتهي، هناك عنصر آخر لم يساعد بالتأكيد في الحد من سنوات التردد: غياب الرؤية الاستراتيجية‘‘، يضيف غودبو.
’’من المؤكد أنّ عدم وجود تصور واضح للتهديد أزال الشعور بالإلحاح والضرورة‘‘، يعتقد البروفيسور روسيل.
’في نظر العديد من الخبراء، يبقى هناك مشكلة، وهي أنّ كندا لا تصدر كتباً بيضاء حول شؤون الدفاع بانتظامٍ كافٍ، فهذه عملية تتيح تحديد التهديدات العالمية وما تحتاجه كندا لمواجهتها على النحو المناسب‘‘، يقول غودبو.