طبقا للقانون الكندي الرقم ’’أس 246’’ (S-246)، فإن شهر التراث اللبناني أقرّ في الشهر الحادي عشر من السنة وهو الشهر الذي يحتفل فيه بلد الأرز بذكرى استقلاله، وتحديدا في الثاني والعشرين منه.
قدمت السيناتورة في مجلس الشيوخ الكندي جين كوردي في شهر نيسان / أبريل الماضي مشروع قانون يقضي بتخصيص شهر تشرين الثاني / نوفمبر من كل سنة للاحتفال بالتراث اللبناني في البلاد. ودعمت النائبة من أصل لبناني في مجلس العموم الفدرالي لينا مثلج دياب مشروع القانون، وساندها أربعة نواب آخرون في البرلمان الكندي ينحدرون من أصول لبنانية، هم فيصل الخوري وريشارد مارتيل (لأم لبنانية) وفانس بدوي وزياد أبو لطيف.
دخل القانون حيز التطبيق اعتبارا من نهاية شهر حزيران / يونيو الماضي، استعدادا لتقديم النسخة الباكورة لشهر التراث اللبناني في تشرين الثاني 2023 المقبل.
’’اختيار تشرين الثاني / نوفمبر للاحتفال بشهر التراث اللبناني لم يكن محض صدفة بل هو أمر مقصود، يقول النائب زياد أبو لطيف. إن في ذلك دلالة واضحة وراسخة على اعتراف كندا باستقلال لبنان وسيادته وإيمانها ببقائه واستمراريته على الرغم من كل المحن والأزمات التي تعصف به‘‘.
لبنان ليس صدفة، شعبه ليس صدفة ولا الانتشار اللبناني صدفة[…] إن هذه الإمبراطورية البشرية الممتدة على مساحة الكرة الأرضية تستحق برأيي التذكير باستقلال بلدها الأم على الرغم من كل شيء.
نقلا عن زياد أبو لطيف، نائب في مجلس العموم الكندي
يشير المتحدث إلى أن إقرار قانون شهر التراث اللبناني ’’قد يكون رمزيا ومعنويا ولكن أهميته تكمن في اعتراف البرلمان، الذي يمثل المجتمع الكندي بأسره، بإنجازات اللبنانيين في كندا وعطاءاتهم، وتكريس ذلك في الدستور الكندي‘‘.
يقول نص القانون: ’’إن الكنديين من أصل لبناني يقدمون مساهمات اجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية وعسكرية وخيرية وسياسية كبيرة في النسيج الاجتماعي لبلدنا وفي قوة مجتمعاتنا ومرونتها وتنوعها وهذا لعدة أجيال […] إن مجلس النواب يود أن يبرز ويحتفل بالمساهمة التاريخية للكنديين من أصل لبناني في بناء المجتمع الكندي، في الماضي والحاضر[…] إن الاحتفال الوطني بشهر التراث اللبناني سيشجع الكنديين من أصل لبناني على تعزيز ثقافتهم وتقاليدهم ومشاركتها مع الكنديين الآخرين‘‘.
يشير موقع وزارة الشؤون العالمية الكندية إلى أن تعداد الجالية اللبنانية في كندا يصل إلى 000 400 نسمة وأن ما بين 000 40 و000 75 كندي يعيشون في لبنان. هذا علما أن أول مهاجر لبناني في كندا، حسب العديد من المصادر، هو إبراهيم أبي نادر. هذا الأخير هاجر إلى كندا عام 1882 قادما من مدينة زحلة في متصرفية جبل لبنان التي كانت تتمتع بحكم ذاتي ضمن الإمبراطورية العثمانية. وتعاقب بعد ذلك وصول اللبنانيين إلى كندا، وتكّثف تدفقهم خلال الحرب اللبنانية (1975-1990) وبعدها.
عمل المهاجرون اللبنانيون في كافة المجالات وبرزوا في الشأن السياسي والاقتصادي والتجاري والأكاديمي والثقافي. نذكر على سبيل المثال لا الحصر، المهاجر من الجيل الأول عطالله جوزف غزّ الذي كان يملك دكانا في مقاطعة جزيرة الأمير إدوارد واستطاع ابنه جوزف (جو) دخول المعترك السياسي تحت راية الحزب الليبرالي في المقاطعة وترأس الحكومة المحلية من عام 1986 لغاية عام 1993، ليكون أول رئيس حكومة في كندا من أصول غير أوروبية. هذا وترأس نجله روبير أيضا (الحزب الليبرالي)، الذي ينتمي إلى جيل الهجرة الثالث، حكومة جزيرة الأمير إدوارد بين عامي 2007 و 2014.
…من اليوم تتسع رقعة المسؤولية
يقول قنصل لبنان الفخري في مدينة فانكوفر في مقاطعة بريتيش كولومبيا طبيب الأسنان نيك قهوجي: ’’تلقى على عاتقنا اليوم مسؤولية أكبر في إظهار كافة أوجه التراث اللبناني التي تتضمن أيضا الطبيعة الإنسانية المسالمة والطيبة والمضيافة التي حملناها معنا إرثا من جيل إلى جيل‘‘.
نبتغي أن نكون جزءا مكملا في الفسيفساء الاثني التعددي في هذه البلاد، أن نكون رشة الملح التي لا تفسد الطعام بل تعطيه نكهة طيبة.
نقلا عن نيك قهوجي، قنصل لبنان الفخري في فانكوفر
تتسابق الأفكار والمبادرات في رأس المتحدث حول كيفية تنظيم الفعاليات والأنشطة في النسخة الأولى المقبلة من شهر التراث اللبناني. ويتمنى الدكتور قهوجي التنسيق فيما بين القناصل الفخريين اللبنانيين ومسؤولي المهرجانات والتظاهرات الثقافية والاجتماعية الكندية اللبنانية الأخرى المنتشرة عبر البلاد من أجل تقديم التراث اللبناني بأفضل صورة.
’’جِناتنا اللبنانية تحتم علينا النجاح أينما كنا […]. محتوم علينا مواجهة التحديات مهما اشتدت حدّتها لأن الفشل ممنوع‘‘، يؤكّد الدكتور قهوجي.
ويكشف قنصل لبنان الفخري في فانكوفر عن افتتاح ’’ساحة المغترب اللبناني‘‘ في مدينة فيكتوريا عاصمة مقاطعة بريتيش كولومبيا عشية شهر التراث في 24 أيلول / سبتمبر المقبل.
يعتبر أبو لطيف بأنه بدأ من الصفر عندما وطأت قدماه بلاد القيقب في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، عندما فرّ من ’’حرب التحرير‘‘ التي كانت تدور رحاها في ذلك الحين. ويقترح المتحدث على كل مهاجر ’’التحلي بالصبر لنيل مرادك وإذا صبرت تكافئك كندا‘‘، على حد تعبير النائب أبو لطيف.
أؤمن بأن الحياة يجب أن تنطلق بخطوط متوازية على كافة المستويات[…] إنك بالطبع تؤثر النجاح في مجتمعك التعددي الجديد ولكنك أيضا لن تنسى جذورك وتراثك.
نقلا عن زياد أبو لطيف، نائب في مجلس العموم الكندي