قدّمت وزيرة المالية الفدرالية كريستيا فريلاند ميزانيتها العامة بعد ظهر اليوم. وفيما يشد الكنديون أحزمتهم في مواجهة الارتفاع الكبير في تكلفة المعيشة، تتخذ الحكومة خيارات صعبة.
وكان العديد من الاقتصاديين قد حذّروا حكومة جوستان ترودو الليبرالية من أنه يجب عليها إبطاء وتيرة النمو في إنفاقها لتجنب التسبب بتضخم حاد جديد، ما قد يدفع الاقتصاد الكندي إلى الركود، أو إلى الركود التضخمي (stagflation).
لذا، ليس من المفاجئ أنّ الميزانية المقدَّمة اليوم لا تتضمن سوى عدد قليل من الإجراءات الموجَّهة إلى المواطنين، لكن فيها خطة طموحة للانتقال إلى الطاقة النظيفة.
وكانت فريلاند، التي تشغل أيضاً منصب نائبة رئيس الحكومة، قد تعهدت بإظهار ’’اعتدال في الميزانية‘‘. وفي خطابها اليوم في مجلس العموم قالت إنّ الإجراءات التي تتضمنها الميزانية ستساعد الكنديين دون تأجيج التضخم.
وكما تمّ الكشف عنه أمس، ستحصل الأُسر ذات الدخل المنخفض على ’’خصم للبقالة‘‘ لمساعدتها على مواجهة التكاليف المرتبطة بالتضخم.
فأوتاوا تخصّص حوالي ملياريْ دولار لمساعدة 11 مليون شخص من ذوي الدخل المنخفض. وتأخذ هذه المساعدة شكل دفعة لمرة واحدة وتسمح لأسرة مكونة من أربعة أفراد بتلقي ما يصل إلى 467 دولاراً. ومقدار المساعدة 234 دولاراً للعازبين و225 دولاراً لكبار السن.
وتجدر الإشارة إلى أنّ ’’خصم البقالة‘‘ هذا هو في الواقع امتداد لمضاعفة ائتمان ضريبة السلع والخدمات التي تمّ تنفيذها العام الماضي بناءً على طلب الحزب الديمقراطي الجديد. وكان زعيم هذا الحزب اليساري التوجه، جاغميت سينغ، قد طالب بتجديد هذا الإجراء، ووافقت الحكومة الليبرالية على الأمر.
وأكّدت وزيرة المالية أنّ النظام الكندي لرعاية الأسنان سينطلق هذه السنة وسيتم تعزيزه، وستبلغ تكلفته 13 مليار دولار على امتداد السنوات الخمس المقبلة.
ويغطي النظام رعاية الأسنان للأشخاص غير المشمولين بتأمين ويقل دخل أسرتهم السنوي عن 90 ألف دولار، ولن يضطر أيّ شخص يقلّ دخله السنوي عن 70 ألف دولار إلى تسديد أيّ مساهمة.
الطاقة النظيفة
وجاء في الميزانية أنّ كندا تحتاج إلى مواكبة وتيرة تسارع الانتقال إلى الحياد الكربوني، وأنها بالتالي لا تستطيع السير ببطء في هذا المجال.
لذا، تنطلق الحكومة في السباق لبناء اقتصاد نظيف، وترصد في الميزانية استثمارات بقيمة 80 مليار دولار على مدى 10 سنوات، وتعوّل على ائتمانات ضريبية لجذب المستثمرين.
وأعلنت الحكومة في ميزانيتها أنّ بنك البنى التحتية الكندي (CIB / BIC)، وهو مؤسسة عامة فدرالية، سيستثمر ما لا يقل عن 10 مليارات دولار في الطاقة النظيفة وما لا يقل عن 10 مليارات دولار في البنى التحتية الخضراء.
تباطؤ اقتصادي أكثر حدة
وقالت وزيرة المالية اليوم إنّها باتت تتوقع تباطؤاً اقتصادياً أكثر حدة ممّا تم الإعلان عنه في البيان الاقتصادي الخريف الماضي، وإنّ كندا معرضة لركود معتدل.
ومن المتوقع أن يتباطأ نمو إجمالي الناتج المحلي من 3,4% في عام 2022 إلى 0,2% في عام 2023، قبل أن يرتفع ببطء إلى 1,5% في عام 2024.
وسيرتفع العجز في ميزانية السنة المالية 2022 – 2023، الذي قُدّر بنحو 36,4 مليار دولار في التحديث الاقتصادي في الخريف، إلى 43 مليار دولار، ما يمثل 1,5% من إجمالي الناتج المحلي.
وفي السنة المالية 2023 – 2024 يجب أن يقف العجز عند 40,1 مليار دولار، مقارنةً بـ30,6 مليار دولار وفق توقعات التحديث الخريفي.
وتتخلى الحكومة عن هدفها بالعودة إلى ميزانية متوازنة في السنة المالية 2027 – 2028، وباتت الآن تتوقع فيها عجزاً بقيمة 14 مليار دولار.
(نقلاً عن موقع راديو كندا مع إضافات من وكالة الصحافة الكندية، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)