أمرَ قاضٍ من المحكمة الفدرالية مصرف ’’رويال بنك‘‘ (RBC) الكندي بالكشف عن المالكين الفعليين لـ97 مؤسسة مسجلة في جزر البهاما ولجأت إلى خدمات المصرف.
لكنّ خبيراً في هذا المجال يتساءل لماذا استغرقت وكالة الدخل الكندية (ARC / RCA) وقتاً طويلاً للتحرك ومحاولة كشف عمليات احتيال ضريبي محتملة.
وجميع الشركات الـ97 المعنية مسجلة في جزر البهاما التي هي ملاذ ضريبي. وتمّ الكشف عن أسماء الشركات قبل ست سنوات من ضمن تسريب وثائق مالية عُرفت بـ’’تسريبات جزر البهاما‘‘ (Bahamas Leaks).
وتقول وكالة الدخل إنّ معظم الشركات استخدمت تكتيكات ’’لإخفاء هوية الأشخاص الذين يسيطرون بالفعل على هذه الكيانات والذين هم مالكوها الحقيقيون‘‘.
وتريد سلطات الضرائب الكندية التحقق مما إذا كان المالكون الحقيقيون مواطنين كنديين يخفون أموالاً في ملاذات ضريبية.
وفي أعقاب ’’تسريبات البهاما‘‘، في عام 2016، كشف راديو كندا أنّ ثلاثة مصارف كندية قدّمت خدمات لما يقرب من 2.000 شركة مسجلة في جزر البهاما منذ عام 1990.
يُشار إلى أنه ليس من غير القانوني أن يكون للكنديين حسابات أو شركات في الخارج، لكن يجب عليهم الإبلاغ عن أيّ أصول يملكونها وتزيد قيمتها عن 100.000 دولار. وعلى الكنديين أيضاً التصريح بكلّ دخل، مهما كانت قيمته، لأغراض ضريبية.
وأقنعت الحكومة الفدرالية أحد القضاة في أواخر أيار (مايو) الفائت بأن يأمر مصرف ’’رويال بنك‘‘ وشركته الفرعية للأوراق المالية (RBC Dominion Securities) بتقديم أيّ معلومات من شأنها أن تساعد وكالة الدخل الكندية على معرفة هوية مالكي الشركات الـ97 في جزر البهاما. ولم يعترض البنك على طلب الحكومة.
وأظهرت الملفات المسربة أنّ مصرف ’’رويال بنك‘‘ عمل كَوكيل لـ847 شركة في جزر البهاما مدرجة في البيانات المُسرَّبة. أمّا مصرف ’’سي آي بي سي‘‘ (CIBC) فكان وكيلاً لـ632 شركة فيما كان مصرف ’’سكوشا بنك‘‘ (Scotia Bank) وكيلاً لـ481 شركة.
والمصارف الثلاثة المذكورة هي من أكبر المصارف الكندية، و’’رويال بنك‘‘ هو أكبر المصارف الكندية بحجم الودائع.
لكن لا وكالة الدخل الكندية ولا مصرف ’’رويال بنك‘‘ أوضحا كيف انخفض عدد الشركات المعنية من 847 إلى 97.
من المرجَّح أن يكون هذا الفارق عائد جزئياً إلى أنه، حتى في عام 2016، كان نصف هذه الشركات تقريباً غير نشط أو قد تمّ حلّه.
ومن الممكن أيضاً أن تكون وكالة الدخل الكندية قد خلصت إلى أنّ العديد من الشركات ليس لديها مساهمين كنديين أو روابط أخرى بكندا يمكن أن تؤدي إلى التزامات ضريبية.
ومع ذلك ليس هناك ما يشير في سجلات المحكمة الفدرالية إلى أنّ وكالة الدخل الكندية قد رفعت دعوى قضائية ضد أيٍّ من الشركات المدارة من قبل ’’سي آي بي سي‘‘ أو ’’سكوشا بنك‘‘.
ومن الممكن أن تكون وكالة الدخل قد حصلت على معلومات بشكل مباشر وسري من هذين المصرفيْن باستخدام صلاحيات بموجب قانون ضريبة الدخل، إلّا أنّ هذه الوكالة الفدرالية آثرت عدم الإفصاح عن ذلك.
لا تكشف وكالة الدخل الكندية بشكل عام عن معلومات متعلقة بنهج الامتثال لدينا، إذ يمكن أن يوفر ذلك خارطة طريق لعدم الامتثال.
نقلا عن مقتطف من بيان أرسلته وكالة الدخل الكندية إلى ’’سي بي سي‘‘
’’أمر مُحبِط جداً‘‘
يقول توبي سانجر، مدير ’’كنديون من أجل عدالة ضريبية‘‘، وهي جماعة ضغط، إنّ هذا النقص في الشفافية يعطي الانطباع بأنّ وكالة الدخل الكندية تقوم بالتركيز أكثر على الأهداف السهلة وعلى الأفراد الصغار، بدلاً من التركيز على حالات التهرّب الضريبي الأكبر والأكثر تعقيداً في الخارج.
ومع أنّ وكالة الدخل الكندية أعلنت، بعد تسريبات مثل ’’وثائق بنما‘‘ (Panama Papers) و’’وثائق الجنة‘‘ (Paradise Papers)، أنها كانت تتخذ إجراءات صارمة ضد الخدع الضريبية في الخارج، فهي لا تفسّر سبب سعيها للحصول على سجلات الملكية العائدة لـ97 شركة خارجية فقط الآن، بعد ست سنوات من دخولها دائرة الضوء بسبب ’’تسريبات جزر البهاما‘‘.
ويمتلك الأفراد والشركات الكنديون 23 مليار دولار من الأموال المُبلغ عنها بصورة رسمية في جزر البهاما، أي أكثر من فرنسا وإسبانيا والبرتغال مجتمعة.
وتشير دراسة أجرتها وكالة الدخل الكندية عام 2018 إلى أنّ الكنديين يمتلكون ما بين 76 مليار و241 مليار دولار أُخرى، غير مُعلن عنها، في الملاذات الضريبية المختلفة، لكن لم تفصّلها حسب البلد.
وفي حالة ’’وثائق بنما‘‘ التي تمّ الكشف عنها في عام 2016 أيضاً، لم تقدّم وكالة الدخل الكندية بعد أيّ تهمة جنائية ضدّ أيّ شخص ورد اسمه في هذه التسريبات، على الرغم من أنّ دولاً أُخرى قد وجّهت بالفعل مئات التهم وأصدرت إدانات.
وقالت وكالة الدخل الكندية الأسبوع الماضي إنه في وقت من الأوقات كان لديها خمسة تحقيقات جنائية مفتوحة تتعلق بـ’’وثائق بنما‘‘، لكنها أسقطت فيما بعد ثلاثة منها.
ويبدو أنّ القضيتيْن المتبقيتيْن هما تحقيق جارٍ بشأن تهرّب ضريبي مزعوم بقيمة 77 مليون دولار في مدينة فانكوفر وتحقيق مع مموّل في قطاع النفط في مقاطعة ألبرتا.