سطع نجم الشاب حسين وَنْدي على منصّات التواصل الاجتماعي منذ أن زَجَرَه عمدة دائرة أنجو (مونتريال) أثناء جلسة مجلس الدائرة المُنعقِدة في بداية الشهر حيث أعاب عليه مجادلته وهو فتى قاصر.
لم تتوقف طلبات إجراء المقابلات الإعلامية التي تصل الشاب حسين وندي منذ أن انتشر فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يتجادل مع العمدة لويس ميراندا خلال جلسة مجلس دائرة أنجو (مونتريال) المنعقدة في 4 أكتوبر تشرين الأول الجاري.
ويُظهر الفيديو الشاب الذي بلغ مؤخّراً سن الـ16 عامًا وهو يطلب من عمدة الدائرة بطريقة هادئة وواضحة إعادة النظر في قراره بإغلاق ملاعب كرة القدم لفترات الممارسة الحّرة دون سابق إنذار .
ووفقاً لرزنامة الدائرة، كان بإمكان الأطفال والمراهقين اللعب في أوقات معينة من اليوم خلال موسم الخريف الذي يمتد من 27 أغسطس آب إلى 9 أكتوبر تشرين الأول.
في البداية، أوضح عمدة الدائرة للشاب أنه اتخذ قرار الإغلاق بسبب السلوك الإشكالي لبعض الشباب الذين يمتطون الدراجات الدافعة والدراجات الهوائية على المساحات الاصطناعية للملاعب. وكان بعضهم عدوانيّاً تجاه كبار السن الحاضرين، وفقاً للعمدة الذي أبدى انزعاجاً في إجاباته.
وردّ عليه حسين وندي قائلاً :’’ما لا أفهمه هو أنك تتعامل مع الموضوع بطريقة عدوانية. يبدو الأمر وكأنّ الحديث في الموضوع يزعجك.‘‘
وعندما علم العمدة أنه يتحدث إلى شاب يبلغ من العمر 15 عامًا، غضب وفقد أعصابه.
وقال في ميكروفون قاعة المجلس : ’’أولاً وقبل كل شيء أنا عندما كنت في سنّ الخامسة عشرة ، لم أكن مثلك لأواجه العمدة. لا أعرف لماذا أنت هنا، كان يجب أن تكون والدتك أو والدك […] إنه في سن الخامسة عشرة، لم أكن لأتحدث معه.‘‘
حينها ردّت والدة الشاب التي كانت حاضرة أن ابنها ’’له الحق في الكلام.‘‘
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، أكد إسماعيل وندي، والد حسين وندي، أنه بعد أن علم أنه ستكون هناك جلسة لمجلس الدائرة، اقترح على ابنه ’’إذا كان يريد الذهاب إلى هناك لأنّ الموضوع يهمّه هو مباشرة والشباب في سنّه.‘‘
والتقى راديو كندا الدولي بالأب وابنه أمام الباب المُقفَل لملعب كرة القدم في منتزه ’’غونكور‘‘ (Parc Goncourt). وأضاف الأب :’’ذهب حسين من تلقاء نفسه. كان برفقة والدته وأحد أصدقائه.‘‘
ويدرس الشاب المولود في كيبيك في الصف الخامس الثانوي في البرنامج الدولي لمدرسة عامة.
وأوضح أنه ذهب دون تحضير لتدخله. ’’ارتجال’’ مثل مقابلته مع راديو كندا الدولي أو في المقابلات الأخرى التي يجريها تحت إشراف والده الذي يدير اتصالاته مع وسائل الإعلام ’’حتى لا يؤثّر ذلك على دراسته.‘‘
ذهبتُ [إلى مجلس الدائرة] وطرحت سؤالي. لم أواجه أبداً مشكلة في التحدث أمام الناس سواء في المدرسة أو أمام أشخاص لا أعرفهم.
نقلا عن حسين وندي
ويقول والده فيما يخصّ فصاحة ابنه إنّه ’’يعبّر عن نفسه بشكل جيد منذ أن كان صغيراً. يقرأ كثيرا أيضا. القراءة هي التي أعطته هذه القوة. لم تُلهِه الشاشات عن القراءة.‘‘
وفيما يتعلق بالقراءة ، ينصح حسين وندي الآباء بعدم فرض كتاب معيّن على الأطفال. ’’يجب ترك الأمر للطفل لاتخاذ قراره في القراءة.‘‘
تمييز ووَصْم
وفقاً لحسين وندي فإنّ إغلاق ملاعب كرة القدم لا يحلّ مشاكل سوء التصرّف بل يؤجّلها فقط.
’’أن يسبّب بعض الشباب المتاعب ليس بالأمر الجديد. كل الأحياء الأخرى لديها مثل هذه المشاكل ولم تغلق الملاعب. إغلاقها هو مجرد تأجيل للمشكلة. الموسم المقبل سوف يعودون‘‘، كما يقول حسين وندي الذي يمارس أيضًا السباحة والفنون القتالية.
وبالنسبة للشاب، تعيين حارس يمكن أن يحل المشكلة.
إذا كان هناك شباب لا يحترمون التعليمات، علينا فقط أن نضع شكلاً من أشكال السلطة وهذا سيحل المشكلة. وهذا ما ذهبت لأقترحه على عمدة الدائرة أثناء جلسة المجلس. حتى أن هناك منظمة مجتمعية مستعدة لتقديم متطوعين.
نقلا عن حسين وندي
وبعد أيام قليلة من جلسة المجلس، أعلنت الدائرة أنها أطلقت مشروعاً تجريبياّ لدورية تحرس منتزهات أنجو المختلفة في المساء. ويستمر المشروع التجريبي سبعة أسابيع ويمكن تجديده العام المقبل.
وخلال جلسة مجلس الدائرة، قال العمدة لويس ميراندا إنه لا يلاقي مشاكل إلّا مع كرة القدم وليس لديه أي مشكلة مع الرياضات الأخرى.
ويرى والد الشاب أن ’’العمدة يستهدف فئة من السكان. أنا دائما هنا مع أطفالي. لا يوجد بلطجية أو عصابات. إنّهم فقط شباب يعبرون بدراجاتهم لأن رفوف ركن الدراجات في بعض الأحيان لا تكفي. يركنونها على الحافة. هذا ما يسميه العمدة بالاضطرابات. ‘‘
عندما رأيت ابني يتلقّى مثل هذا الرد العدواني بعد أن تحدّث بطريقة محترمة، شعرت بأنّه لا ينتمي إلى هنا.
نقلا عن إسماعيل وندي
حينها تدخل ابنه حسين قائلاً : ’’أنا مواطن مثل أي شخص آخر في الدائرة.‘‘
واتصل مركز البحث والعمل في العلاقات العرقية (Centre de recherche-action en relations racialesCRARR)، وهو منظمة غير حكومية مقره مونتريال، بالأب، كما ذكر على صفحته على فيسبوك.
وقال المركز إنّ ’’ما حدث في جلسة مجلس الدائرة ، على ما يبدو، هو مجرد غيض من فيض عندما يتعلق الأمر بوصول الشباب العرب والأميركيين اللاتينيين والسود إلى خدمات الدائرة وكذلك مسؤولية قادة البلديات فيما يتعلق بالحواجز النظامية في العلاقات مع المواطنين والمقيمين في الدائرة.‘‘
ووفقًا للسمات الاجتماعية والديموغرافية لدائرة أنجو الصادرة في 2018 والمتاحة على موقع مدينة مونتريال على الانترنت، فإن 27٪ من سكان الدائرة تقل أعمارهم عن 25 عامًا.
ويشكل المهاجرون ثلث (33٪) سكان أنجو، وفقاً لتعداد السكان لعام 2016.
ويمثل المهاجرون الجدد 23٪ من السكان المهاجرين. ويأتون من الجزائر (29,4٪) ، هايتي (17,6٪) والمغرب (10,2%).
وفي السابق، حاول والد الشاب حل المشكلة من خلال مقابلة عمدة الدائرة. ولم يكن اللقاء مثمراً.
كما أطلق عريضة وقّعها العديد من الآباء. ويبدو أن هذا لم يسعد العمدة الذي تحدث عن ذلك خلال جلسة المجلس.
وبعث رسالة بالبريد إلكتروني إلى مصالح الدائرة. وذكر أنه اعتباراً من يونيو حزيران الماضي، بدأت ساعات كرة القدم المجانية تتناقص بسبب دورات لفرق كرة القدم.
ردود الفعل والاعتذار
أثارت تصريحات عمدة الدائرة ردود فعل على الشبكات الاجتماعية وبين الفاعلين المجتمعيين وفي الطبقة السياسية البلدية.
وجاء ردّ فعل محمد ميمون منسق منتدى شباب سان ميشال (FJSM) على صفحته على فيسبوك.
’’نقضي الكثير من وقتنا في دعوة الشباب وإعدادهم للذهاب إلى جلسات المجالس البلدية ومخاطبة المسؤولين المنتخبين. إنها طريقة لإشراكهم وتعريفهم بالأمور السياسية […] لذا فمن الطبيعي أن يُعبّر حسين أو إيفانز أو ليلى عن عدم موافقتهم، والأفضل كثيراً إذا فعلوا ذلك بهذه الطريقة، بالذهاب إلى مجلس البلدية.‘‘
ومن جانبها، ردّت عمدة مونتريال، فاليري بلانت ، أولاً على حسابها على تويتر وكتبت :’’ عندما يتحدث الشباب علناً، فإن ديمقراطيتنا تعمل بشكل جيد. فخورة أنا بحسين وندي ابن الـ15 عاماً. فترة الأسئلة مفتوحة للجميع !‘‘
وفي وقت لاحق في مؤتمر صحفي، قالت إن كلمات رئيس دائرة أنجو ’’غير مقبولة: أتوقع من السيد ميراندا ، بدافع الضمير المهني ، أن يعتذر للشاب ولعائلته.‘‘
واعتذر العمدة عن الطريقة التي خاطب بها الشاب (نافذة جديدة)، لكنه لا ينوي الاتصال بحسين وندي وعائلته لتقديم اعتذار شخصي، بحسب هيئة الإذاعة الكندية.
وتستمر الأسرة والشاب في المطالبة باعتذار شخصي.
’’لا أستحق أن أُعامل بهذه الطريقة في دار البلدية. بصفته عمدة منذ فترة طويلة جدًا [20 سنة]، يجب أن يعرف كيف يبقى هادئاً ويستمع إلى سؤال الآخرين حتى لو لم يكن موافقاً‘‘، يؤكد حسين وندي.
ويمكن للشاب أن يواسي نفسه برد فعل العمدة أو أساتذته.
من الرائع حقّاً أن تقدّم لي عمدة مونتريال دعمها على وجه الخصوص. في المدرسة، هناك أساتذتي وأساتذة آخرون أخبروني أنهم رأوني وأنّ ما قمت به أمر رائع.
نقلا عن حسين وندي