توجه البابا فرنسيس صباح اليوم إلى كندا.
وأقلعت طائرة البابا الذي لا يزال يعاني من آلام في الركبة، عند الساعة التاسعة صباحًا بتوقيت روما من مطار فيوميتشينو، وسيصل عند الساعة 17,20 بتوقيت غرينتش إلى إدمونتون في مقاطعة ألبرتا، غرب البلاد، حيث سيكون في استقباله رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ومسؤولون دينيون. وستكون هذه الرحلة التي تستغرق عشر ساعات، الأطول منذ 2019 للحبر الأعظم.
بدأت الزيارة الرسولية السابعة والثلاثين للبابا فرنسيس، الحبر الأعظم الثاني الذي يزور كندا بعد القديس يوحنا بولس الثاني الذي زارها آخر مرة في عام ٢٠٠٢، بمناسبة اليوم العالمي السابع عشر للشباب الذي عُقد في تورنتو. غادر البابا عند الساعة الثامنة صباحًا من بيت القديسة مرتا بالفاتيكان ليصل إلى المطار حيث كانت تنتظره طائرة الـ “Airbus A330” التابعة لشركة طيران “Ita Airways” وعلى متنها حوالي ثمانين صحفيًا.
“زيارة أرادها البابا فرنسيس بشّدة سيكون في محورها العناق مع الشعوب الأصلية والكنيسة المحلية” شرح أمين سرِّ دولة حاضرة الفاتيكان في مقابلة له مع موقع فاتيكان نيوز. قرب ومغفرة ومصالحة وأخوة ورجاء إنها في الواقع الكلمات الرئيسية لستة أيام مكثفة من اللقاءات والزيارات من الرابع والعشرين وحتى التاسع والعشرين من تموز يوليو الجاري، مع العودة إلى إيطاليا المقررة فجر يوم السبت الثلاثين من تموز يوليو. “حج توبة”، كما قال البابا في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي يوم الأحد الماضي إذ قال إنّه يزور البلاد باسم يسوع ويود أن يعانق بنوع خاص السكان الأصليين، وأضاف أن العديد من المسيحيين في كندا، بينهم من ينتمون إلى مؤسسات رهبانية ساهموا في سياسات الاحتواء الثقافي، التي ألحقت في الماضي أضرارا كبيرة بالسكان الأصليين. وذكّر بأنه استقبل في الفاتيكان ممثلين عن السكان الأصليين وعبر لهم عن ألمه وتضامنه حيال الشرور التي تعرضوا لها، وأكد أنه ينوي اليوم القيام برحلة حج مطبوعة بالتوبة، آملا أن تساهم في مسيرة الشفاء والمصالحة. وشكر الجميع على الجهود التي تُبذل من أجل الإعداد للزيارة وعلى الضيافة التي سيخصه بها الكنديون. وطلب من المؤمنين أن يرافقوه بواسطة الصلاة.
إذ دعاه الأساقفة في تشرين الأول أكتوبر من العام الماضي، أكد البابا فرنسيس في شهر نيسان أبريل أنه يريد أن يسافر إلى كندا خلال لقائه بعض ممثلي الشعوب الأصلية – Métis, Inuit, First Nations – بعد ثلاثة لقاءات خاصة مع كل مجموعة. وفي تلك المناسبة، أعرب عن “الألم والخزي” للانتهاكات التي تعرّضت لها الشعوب الأصليّة وغياب الاحترام إزاء هويتهم وثقافتهم وقيمهم الروحية، أعمال كان مسؤول عنها أيضًا العديد من الكاثوليك الذين تكيفوا مع العقلية الاستعمارية والسياسات الحكومية للاستيعاب الثقافي للقرون الماضية. وفي إشارة إلى الإكرام الخاص الذي تحمله الشعوب الأصلية للقديسة حنّة، أعرب البابا عن رغبته في الاحتفال بعيدها الليتورجي في الأراضي الكندية كما سيفعل في السادس والعشرين من تموز يوليو المقبل. ثم جاء الإعلان الرسمي عن هذه الزيارة في شهر أيار مايو، بينما تم الإعلان عن البرنامج في الثالث والعشرين من حزيران يونيو. ويمثِّل هذا الحج شعار يقدّم رموز الجماعات والأراضي الكندية، مع الكتابة “السير معًا” ويشير إلى المسار الذي سلكته الجماعات الأصلية على درب المصالحة والشفاء.
غادر البابا إلى كندا، كحاج مصالحة بين الشعوب الأصلية
سيصل البابا فرنسيس مع الكاردينال مارك أوليه، عميد دائرة الأساقفة، والكاردينال مايكل تشيرني، عميد دائرة خدمة التنمية البشرية المتكاملة، إلى إدمونتون بعد ١٠ ساعات و٢٠ دقيقة من الطيران، عند الساعة ١١:٢٠ بتوقيت كندا. لن يكون لدى الحبر الأعظم أي التزامات بعد حفل الاستقبال الرسمي في المطار وسيذهب للراحة في إكليريكيّة القديس يوسف. ستتميز أيامه، في الغالب، بلقاءات مع الشعوب الأصلية. لن تكون لقاءات مليئة بالالتزامات، بالنظر إلى مشاكله في ساقه اليمنى التي أجبرته على التخلي عن الزيارة الرسوليّة إلى الكونغو وجنوب السودان التي كانت ستعقد من الثاني وحتى السابع من تموز يوليو. سيتنقل الحبر الأعظم بين أماكن بعيدة عن بعضها البعض، لزيارة الجماعات الأصلية حيث تعيش وستكون المحطة الأولى يوم الاثنين هي Maskwacis، حيث سيلتقي عند الساعة ١٠ صباحًا مع الشعوب الأصلية First Nations وMétis وInuit. في فترة ما بعد الظهر، يأتي دور مجموعة أخرى في كنيسة القلب الأقدس، حيث سيبارك تمثالًا للقديسة كاتري تيكاكويثا، أول مواطنة من أمريكا الشمالية اعترفت الكنيسة الكاثوليكية بقداستها. يوم الثلاثاء، عيد القديسين يواكيم وحنة، جديّ يسوع، سيحتفل البابا فرنسيس بالقداس الإلهي في ملعب الكومنولث في إدمونتون. بعد الغداء، عند الساعة الرابعة من بعد الظهر، سيشارك البابا فرنسيس في الحج التقليدي إلى بحيرة “Ste. Anne”، حيث يجتمع الآلاف من المتعبدين للقديسة حنّة منذ قرون في أسبوع السادس والعشرين من تموز يوليو لكي يصلّوا وينالوا الشفاء في الجسد والروح من خلال النزول في مياه البحيرة. هنا سيشارك المؤمنون مع الحبر الأعظم في ليتورجيا الكلمة. ثم يعود البابا إلى إكليريكية القديس يوسف.
سوف يتنقّل البابا مرتين بالطائرة خلال زيارته لكندا. في ٢٧ تموز يوليو، الساعة ٦:٣٠ صباحًا بالتوقيت المحلي، من إدمونتون إلى كيبيك، حيث بعد ما يزيد قليلاً عن أربع ساعات من الطيران، سيلتقي بالحاكم العام لكندا ماري ماي سيمون، ورئيس الوزراء جاستن ترودو، والسلطات المدنية، وممثلي الشعوب الأصلية والسلك الدبلوماسي. سينتهي يوم البابا في دار الأسقفيّة في شارع “Port-Dauphin”، حيث سيقيم لمدة ليلتين. في ٢٨ تموز يوليو سيحتفل البابا فرنسيس عند الساعة ١٠ صباحًا بالقداس الإلهي في بازيليك ” Sainte-Anne-de-Beaupré “، وعند الساعة ٥:١٥ مساءً في كاتدرائية “Notre-Dame”، سيترأس صلاة الغروب مع الأساقفة والكهنة والشمامسة، المكرّسين والإكليريكيّين والعمال الرعويّين. في اليوم التالي، قبل مغادرته مرة أخرى بالطائرة، عند الساعة ١٢:٤٥ ظهرًا، لكي يذهب إلى إيكالويت، سيلتقي الحبر الأعظم في دار الاسقفية مع بعض أعضاء الرهبنة اليسوعيّة، ومع وفد من السكان الأصليين الحاضرين في كيبيك.
سيصل البابا إلى إيكالويت عند الساعة ٣:٥٠ من بعد الظهر، بعد حوالي نصف ساعة من الوصول سيلتقي البابا فرنسيس مع بعض تلاميذ المدارس الداخلية السابقة، والتي عُهد بها إلى الكنائس المسيحية، بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية، والتي كانت مخصصة لأطفال جماعات السكان الأصليين، الذين غالبًا ما كان يتم أخذهم بالقوة من منازلهم، لتعلم الثقافة الغربية. في هذه المرافق، مُنع التلاميذ من التحدث بلغتهم الأم واتباع عقيدتهم الدينية. كما عانى الطلاب أيضًا من سوء المعاملة وغياب الظروف الصحيّة والمساعدة الطبية. أخيرًا، سيلتقي البابا فرنسيس عند الساعة ٥:٠٠ من بعد الظهر الشباب والمسنين في ساحة مدرسة إيكالويت قبل مغادرته إلى إيطاليا عند الساعة ٦:٤٥ مساءً. على أن يصل البابا إلى روما صباح السبت المصادف الثلاثين من تموز يوليو ليعود بعدها إلى الفاتيكان.