فيما يواصل البابا فرنسيس ’’حجّ التكفير عن الذنوب‘‘ في كندا، هناك من يعتبر أنّ اعتذاره من السكان الأصليين عن الإساءات التي تعرّض لها عدد كبير من أطفالهم على أيدي رهبان وراهبات كاثوليكيين بين عاميْ 1870 و1997 في مدارس داخلية أوجدتها الدولة الكندية غيرُ كامل.
أحد هؤلاء هو مارك ميلر، وزير العلاقات بين الدولة الكندية والسكان الأصليين. فهو يعتبر أنّ بعض العناصر المهمة، التي لا يمكن تجاهلها، غابت عن الاعتذار الذي تقدّم به رئيس الكنيسة الكاثوليكية من سكان كندا الأصليين.
وأكد الوزير في مقابلة مع وكالة الصحافة الكندية أمس أنّ خطاب البابا يوم الاثنين، في ماسكواسيس
إلى الجنوب من إدمونتون عاصمة مقاطعة ألبرتا في غرب كندا، له معنى خاص بالنسبة للسكان الأصليين الذين يتعيّن عليهم الآن تبنّيه في عملية الشفاء الخاصة بهم.
’’إنها لحظة عاطفية للغاية‘‘، قال وزير العلاقات مع السكان الأصليين في حكومة جوستان ترودو الليبرالية.
ويعتقد الوزير ميلر أنّ الأمر متروك للأشخاص المعنيّين ليقرروا ما إذا كانوا سيقبلون الاعتذار عن الدور الذي لعبته الكنيسة الكاثوليكية في نظام المدارس الداخلية للسكان الأصليين.
ومع ذلك أشار ميلر إلى فوارق بين الاعتذارات المقدمة في كندا وتلك التي قدمها الفاتيكان لضحايا الاعتداءات الجنسية في أيرلندا قبل بضع سنوات.
وبرز انتقادان رئيسيان منذ الاعتذار المقدَّم يوم الاثنين: لم يأتِ البابا فرنسيس مطلقاً على ذكر الاعتداءات الجنسية في المدارس الداخلية في كندا ولم يعتذر باسم الكنيسة الكاثوليكية كمؤسسة، مفضلاً بدلاً من ذلك أن يطلب ’’المغفرة عن الشرّ الذي ارتكبه العديد من المسيحيين بحقّ الشعوب الأصلية‘‘.
هناك فرق شاسع بين الاثنين، وخياره (خيار البابا) يتحدث عن نفسه.
نقلا عن مارك ميلر، وزير العلاقات بين الدولة الكندية والسكان الأصليين
وأشار الوزير ميللر إلى أنّ لجنة الحقيقة والمصالحة الكندية، التي أجرت تحقيقاً حول المدارس الداخلية للسكان الأصليين، طلبت تحديداً أن يكون الاعتذار البابوي مشابهاً للاعتذار الذي قدمه الفاتيكان عام 2010 للضحايا في أيرلندا.
ووفقاً للوزير ميلر، أشار هذا الاعتذار، الذي قدمه البابا السابق بنديكتوس السادس عشر في رسالة خطية، بشكلٍ مباشر إلى الاعتداءات الجنسية التي تعرض لها الأطفال الأيرلنديون والدور الذي لعبته الكنيسة الكاثوليكية.
وأصدرت منظمة ’’كيواتينُووي أوكيماكاناك‘‘ في مانيتوبا (Manitoba Keewatinowi Okimakanak)، التي تمثل السكان الأصليين في شمال هذه المقاطعة الواقعة في غرب وسط كندا، بياناً أعربت فيه عن ارتياحها لتلقي اعتذار البابا فرنسيس، لكنها أعربت فيه أيضاً عن أسفها لعدم تضمنه أيّ إشارة إلى الاعتداءات الجنسية.
طلبُ المغفرة والاعتراف بالأخطاء التي وقعت ليسا سوى الخطوة الأولى من بين العديد من الخطوات التي يجب القيام بها. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.
نقلا عن مقتطف من بيان منظمة ’’كيواتينُووي أوكيماكاناك‘‘ في مانيتوبا
تكرار طلب المغفرة في كيبيك
يُشار إلى أنه بعد ظهر أمس، وبعد ساعات قليلة من وصوله إلى مدينة كيبيك، المرحلة الثانية من ’’حجّ التوبة‘‘ في الأراضي الكندية، كرّر البابا فرنسيس طلب المغفرة من السكان الأصليين عن المعاناة التي لحقت بهم من قبل أعضاء في الكنيسة الكاثوليكية.
وندّد البابا بشدة بسياسات الاستيعاب التي تشمل المدارس الداخلية، وهي ’’نظام مؤسف (…) فصل الكثير من الأطفال عن أسرهم‘‘ و’’شارك فيه العديد من المؤسسات الكاثوليكية المحلية‘‘.
’’لذا، أعبّر عن خجلي وألمي وأجدّد، مع أساقفة هذا البلد، طلب المغفرة عن الشر الذي ارتكبه العديد من المسيحيين بحقّ الشعوب الأصلية‘‘، أضاف البابا فرنسيس في خطاب ألقاه بالإسبانية، لغته الأم، في قلعة كيبيك.
وعلى الرغم من المناشدات المتكررة من العديد من الناجين من المدارس الداخلية للسكان الأصليين ومن قادةٍ من الأمم الأُوَل، لم يطلب البابا فرنسيس المغفرة باسم الكنيسة الكاثوليكية، إنما عمّا ارتكبه بعض أفرادها.
وبالتالي كانت اعتذارات البابا أمس في كيبيك مماثلة لتلك التي قدّمها يوم الاثنين في ماسكواسيس ولتلك التي قدّمها لسكان كندا الأصليين للمرة الأولى، في الفاتيكان في الأول من نيسان (أبريل) الفائت عندما زارته وفود منهم.