بقلم هادي المهدي
يفرّق المحلل النفساني الشهير إريك فروم بين نمطين من أنماط المجتمعات , يسمى النمط الأول منهما مجتمع الحياة(biophilia) ,
والآخر مجتمع الجثث (necrophilia) .
مجتمع الحياة هو مجتمع حي يتميز بما تتميز به الحياة الإنسانية الحقيقية وهي الصيرورة والتغير والتحول، يتجلى ذلك في نوعيات أفراده وأنماط اعتقادهم التي تتسم بالتنوع.
على العكس من ذلك مجتمع الجثث هو مجتمع منمّط لا يعترف فيه مجتمعياً سوى بنمط واحد من الاعتقاد أو الفكر هو بالنسبة لسلطة هذا المجتمع المنمّط الصواب الوحيد وما دونه خطأ بالكلية ما يحول أفراد هذا المجتمع إلى ما يشبه الجثث قبل دفنها حيث تبدو جميعاً متشابهة في الشكل الخارجي العام وإن بدت قليلاَ متباينة في الطول أو العرض حتى أن كل وحدة منها تسمى “جثة”.
الجثة هويتها الوحيدة أنها جثة ليس لها أي هوية أخرى معترف بها غير كونها جثة ومن هنا يبقى تشبيه فروم في محله من وجهة نظري إلى حد بعيد فيما يتعلق بتلك المجتمعات التي لا تنتج جديداً على مستوى الأفكار الكائنة في مؤخرة الحضارة لأنها لا تنتج جديداً تتحدث به مع غيرها من الحضارات.
من رأى نفسه جثة في مجتمع فما عليه إلا أن ينفخ الروح في نفسه ولعمري ما الروح إلا العقل الذي وهبه الله للإنسان وسلبه من الجثث.