مُنى علي هي المديرة التنفيذية للجمعية المتعددة الثقافات في منطقة وود بوفالو (Wood Buffalo) حيث تقع مدينة فورت ماكموري المعروفة برمالها النفطية، شمالي مقاطعة ألبرتا.
التقى راديو كندا الدولي بها قبل أسبوعين حيث كانت تُحضّر معرض الثقافات المتعددة (انظر الصور أدناه) الذي تنظمه جمعيتها كل عام.
ونُظمت نسخة 2023 لهذا الحدث يوم السبت الماضي حضوريّاً بعد عامين من الفعاليات الافتراضية بسبب الجائحة.
ولدت مُنى علي في بورتسودان في السودان لأب سوداني وأم إريترية. وهي معروفة في الوسط المجتمعي في فورت ماكموري حيث تقيم منذ 16 عاماً.
وقد اختارتها مجلة ’’يور فورت ماكموري ماغازين‘‘ (Your McMurray Magazine) ضمن قائمتها التي تضم 50 شخصاً مؤثراً في المنطقة تقلّ أعمارهم عن 50 عاماً لعام 2022.
وبدأت مُنى علي مسيرتها إلى كندا بعد أن أكملت دراستها في السودان الذي غادرته في البداية للعيش في القاهرة بمصر.
ولم تُقم طويلاً في هذا البلد حيث عملت كمربية أطفال.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي في مكتبها ذكرت أنّها التقت في القاهرة كنديّاً وأصبحا صديقين. ’’صديقين وفقط !‘‘، كما أكّدت.
وقامت أسرة الشاب بكفالتها للهجرة إلى كندا. ووصلت في عام 2000 إلى مقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور في أقصى الشرق الكندي.
في السودان، أنتمي إلى قبيلة ومجتمع لم تقم فيه أيّ امرأة بمثل هذه الرحلة الطويلة بمفردها [إلى كندا]. لقد كسرت نوعاً ما حاجزاً يقف عادة في وجه المرأة.
نقلا عن مُنى علي
وأوضحت أن حٌلمها كان دائماً أن تعيش الحياة التي اعتقدت أنها تستحق أن تعيشها. ’’حصلتُ على إذن عائلتي التي فوجئت بقراري في الهجرة إلى كندا. الجميع توقع أن يكون الأمر صعباً بالنسبة لي‘‘، كما أضافت.
وتذكّرت يوم هبوطها الأول في مطار سانت جونز. ’’كان ذلك يوم 16 مارس/آذار . وكان الجو باردا. بدوت كرائدة فضاء بالملابس التي ارتديتها لحمايتي من البرد ‘‘، كما قالت.
ورغم أنّها شخص ’’ثرثار‘‘، كما أوضحت، إلّا أنّها عندما وصلت إلى كندا، بقيت ’’صامتة‘‘ لأنها لا تتحدث الإنكليزية.’’كنت أتحدث العربية فقط ولم يكن يتحدثها أحد من حولي. كان الأمر محبِطاً‘‘، كما تتذكّر.
وكانت مُنى علي المرأة العربية والسوداء الوحيدة في مجتمع ’دير لايك‘‘ (Deer Lake). ووجدت زوجاً من الأطباء مولودين في مصر ويعيشان في مجتمع قريب من مكان إقامتها.
وتضيف أنّها كانت دائماً تشعر بالحب والقبول. ‘‘الكلّ كان يريد مساعدتي والتعرف عليّ أيضاً وقد علّموني الكثير من الأشياء.‘‘
وتابعت مُنى علي دروساً في اللغة الإنكليزية.
فورت ماكموري
وفي عام 2006، قرّرتْ الانتقال إلى فورت ماكموري في مقاطعة ألبرتا في غرب كندا على مسافة حوالي 5.500 كيلومتر من دير ليك في مقاطعة نيو فاوندلاند ولابرادور.
فعلى الرغم من كل المساعدة التي حصلت عليها منذ وصولها إلى كندا، شعرت بالعزلة في هذه المقاطعة الأطلسية. ’’كأنني قمت بهجرة ثانية. وكان من الصعب عليّ أن أترك خلفي، للمرة الثانية، هؤلاء الأشخاص الذين أصبحوا عائلتي.‘‘
جئت إلى فورت ماكموري بحثاً عن التنوّع وفرص العمل وللدراسة. كان حلمي عندما أتيت إلى كندا كبيراً. وقد قدّمت لي فورت ماكموري ما كنت أبحث عنه.
نقلا عن منى علي
وتتذكر أنه في عام 2006، لم يكن هناك تنوع ثقافي كبير كما هي الحال الآن في هذه المدينة.
وفقًا لتعداد البلدية لعام 2021، فإنّ 60 ٪ من سكان فورت ماكموري، البلغ عددهم 76.000 نسمة، هم من البيض أو الكنديين الأوروبيين. وبلغت هذه النبة 64 % في 2018.
وبلغ معدّل السكّان المنحدرين من جنوب شرق آسيا (فيتنام وكمبوديا، من بين دول أخرى) وجنوب آسيا (الهند وباكستان ، من بين دول أخرى) 14 % من إجمالي المقيمين في المدينة.
ويأتي آخرون من إفريقيا (3,27٪) أو من العالم العربي (1,41%).
وبعد عامين من وصولها إلى فورت ماكموري، التقت مُنى علي بألكسندر وهو فرنكوفوني من مونتريال )كيبيك( وتزوّجا ورُزقا ببنت عمرها الآن 10 سنوات.
وفي عام 2007، انخرطت مُنى علي كمتطوعة في الجمعية المتعددة الثقافات في منطقة وود بوفالو.
وكانت مهمتها الأولى تقديم خدمات الترجمة القضائية للمستفيدين من خدمات الجمعية. ’’بطبعي، أنا شخص لا يتردّد. لذلك قبلت المهمّة‘‘، على حدّ قولها.
وبعد عشر سنوات من العمل التطوعي، انضمت إلى مجلس إدارة الجمعية. وفي أغسطس/آب الماضي تمّ تعيينها مديرة تنفيذية للجمعية.
ولم يكن مسارها على طريق الهجرة سهلاً. وعندما سُئلت عن العقبات التي تخطّتها، اغرورقت عيناها بالدموع، وقالت: ’’في السنوات الأولى في كندا، لم يكن باستطاعتي زيارة عائلتي بسبب نقص الإمكانيات.‘‘
الابتعاد عن الأسرة ، وخاصة بالنسبة للمرأة ، أمر صعب للغاية. فمثلاً، الولادة دون أن تكون عائلتك قريبة منك هي تجربة صعبة للغاية.
نقلا عن منى علي
لكنها، كما تقول، تعوّدت على حياتها الجديدة.
’’عندما أزور عائلتي في مصر ، أفتقد فورت ماكموري.‘‘