بعد عام من سقوط العاصمة الأفغانية كابول في أيدي حركة ’’طالبان‘‘ الإسلاموية، لا يزال آلاف الأفغان الذين عملوا بشكل مباشر أو غير مباشر مع الحكومة الكندية خلال المهمة العسكرية هناك يحاولون الحصول على المساعدة للفرار من بلادهم.
وهنا في كندا ترتفع أصواتٌ مطالبةً الحكومة الفدرالية ببذل المزيد من الجهود وبسرعة لمساعدة هؤلاء الأفغان الذين عرّضوا حياتهم للخطر لمساعدة الجنود الكنديين.
تايسون مارتن هو أحد أولئك الذين نفِد صبرهم. وهو كان جندياً في القوات المسلحة الكندية وأُرسل إلى أفغانستان عام 2010.
انضم عبد الحكيم عزيزي إلى الوحدة التي ضمّت مارتن كمترجم للمشاركة في دوريات الجيش الكندي.
وفي الصيف الماضي، عندما تصاعد التوتر في أفغانستان، أدرك مارتن أنّ عزيزي سيصبح هدفاً لـ’’طالبان‘‘، فبذل قصارى جهده للتأكد من أنّ المترجم الأفغاني سيتمكن من الحصول على تأشيرة والفرار من كابول.
’’كان عبد الحكيم مختبئاً في منزل عمه، يتحيّن الفرصة للذهاب إلى المطار. لكنّ الوضع الميداني كان يتغير بسرعة لدرجة أنني قلت له في النهاية: ’اذهب إلى المطار واطرق الباب ولنأمل خيراً‘ ‘‘، قال القائد العسكري الكندي السابق.
بعد ثلاث محاولات، تمكن أخيراً المترجم وزوجته من استقلال آخر رحلة كندية لمغادرة كابول. لكن هذا الحظ لم يكن حليف الجميع.
’’هناك مترجم آخر كان معنا لفترة قصيرة جداً. نحن على اتصال به، لكنه يقيم في مخيم للاجئين في إسلام أباد مع أطفاله الخمسة لأكثر من عام الآن‘‘، يشير مارتن. وإسلام آباد هي عاصمة باكستان، جارة أفغانستان من جهتيْ الشرق والجنوب.
لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن لأحدنا أن يفكّر بهذه الطريقة. بالنسبة لي، لا يمكنك أن تترك أخاً وراءك.
نقلا عن تايسون مارتن، عسكري سابق في القوات المسلحة الكندية
وكانت الحكومة الكندية قد تعهدت في آب (أغسطس) 2021 باستقبال 40.000 لاجئ أفغاني، لكنها تقدّر أنّ الأمر قد يستغرق عاميْن آخريْن.
وحتى الآن وصل 17.375 شخصاً من بين هؤلاء، 10.045 منهم كجزء من برنامج إنساني، وما يزيد قليلاً عن 7.300 في إطار برنامج مخصص للأفغان الذين ساعدوا كندا.
ويعتقد سفير كندا السابق في أفغانستان كريس أليكساندر أنّ على كندا واجب فعل المزيد.
’’لم نكن صارمين في سياستنا الإقليمية لتجنّب عودة الـ’طالبان‘. على جميع الدول التي شاركت في هذه المهمة (في أفغانستان) أن تتحمل نصيبها من المسؤولية‘‘، يؤكد أليكساندر.
يجب أن نهدف في كندا إلى استقبال ما لا يقلّ عن 100.000 أفغاني.
نقلا عن كريس أليكساندر، سفير كندا السابق في أفغانستان
من جهتها، تستنكر المعارضة الرسمية الممثلة بحزب المحافظين تمسك حكومة جوستان ترودو الليبرالية في فرض حدّ على عدد الأفغان الذين يمكن لكندا أن تستقبلهم.
’’إنه رقم رُمي هكذا ضمن اللعبة السياسية، لكننا نتحدث هنا عن بشر وأُسر وعن ناس ساعدونا في أفغانستان‘‘، يقول مستنكراً النائب عن حزب المحافظين بيار بول هوس، وهو عسكري سابق.
وزير الهجرة في الحكومة الكندية، شون فرايزر، يدافع عن نفسه، لكنه لا يذهب أبعد من ذلك.
’’لم نزل حازمين في التزامنا بإعادة توطين ما لا يقل عن 40.000 مواطن أفغاني في كندا، في أسرع وقت ممكن وبأمان‘‘، يكرّر فرايزر. لكنّ العقبة الرئيسية، وفقاً له، لا تزال تكمن في عدم وجود طرق آمنة وموثوق بها لإخراج الأفغانيين من بلادهم.
وفي غضون ذلك، يلتقي تايسون وعبد الحكيم بانتظام في الشقة الصغيرة التي تمكن المترجم من استئجارها في وسط العاصمة الكندية أوتاوا، ويستذكران أوقاتاً جميلة عن المهمة الكندية في أفغانستان التي بدأت عام 2001 وانتهت عام 2014.
وبعد مرور عام على فراره من بلاده، يحلم عبد الحكيم عزيزي بأن يتمكن يوماً ما من لمّ شمل أشقائه الثلاثة وشقيقاته الست في كندا. وبانتظار تحقيق ذلك وجد عائلة جديدة.
“بالنسبة لي ولوالديّ، هو جزء من العائلة. نحتفل بعيد الشكر وعيد الميلاد معاً. لقد تبنيته وكذلك فعلت عائلتي. هكذا، بكل بساطة‘‘، يلخّص تايسون مارتن.
نقلاً عن تقرير لفاليري غاماش